من المجالس
شد في الخليج وإرخاء في إسطنبول
هل من المصادفة أن تصعّد إيران، من ناحية، موقفها مع دولة الإمارات بخرق سيادة أراضيها، رغم الاتفاق على التهدئة حفاظاً على العلاقات بين البلدين، ثم تبادر خصومها الغربيين، من ناحية أخرى، بمرونة لم يتوقعوها في مفاوضات اسطنبول حول المشروع النووي الإيراني؟
في السياسة لا مكان للمصادفات في تحديد الاختيارات ورسم المواقف، وربما أرادت القيادة الايرانية، التي عودت شعبها على سياسة النطح وافتعال الأزمات والظهور بمظهر «الفتوّة» الذي لا تثنى له ذراع، أن تبقي للرأي العام المحلي مكاناً لخطاب دغدغة العواطف القومية والعزف على وتر الكبرياء الوطني. وبما أن الموقف من المطالب الغربية تجاه المشروع النووي يتجه للرضوخ والموافقة على تلك المطالب، فإن الإبقاء على نغمة الصوت العالي يجب أن يكون موجوداً في إحدى زوايا الدبلوماسية الإيرانية، ليبقى الرأي العام معتقداً بوجود من يهتم بكبريائه القومي وهيبته التي تواجه الانكماش في مفاوضات 5+1 حول البرنامج النووي.
وربما ينجح هذا التبديل في المواقع والمواقف في اشغال الرأي العام الإيراني عن الطبخة التي يتم تحضيرها في اسطنبول، ومن بعد ذلك بغداد، وإعادة المشروع النووي الإيراني إلى بيت الطاعة الغربي، لكن لا يمكن للقيادة الإيرانية الاستمرار في الاعتقاد بأن سياسة التصعيد مع جيرانها في الجغرافيا وشركائها في التاريخ قبل المصالح اختيار تملك مفاتيحه بمفردها، تفتحه متى تشاء وتغلقه متى شاءت. ودبلوماسية تقود موقف أمة بثقل إيران حري بها أن ترى وتتلمس بكل الحواس بدلاً من أن تتخبطها شياطين الغرور ويوجهها قصر النظر. وجزيرة أبوموسى و«الطنبان» ستبقى جزراً إماراتية بحكم التاريخ والقانون، وإن استنسخت إيران شاهاً جديداً.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .