مزاح.. ورماح
درج الشهرة والانتصار
ضعف بنيته وزعزعة ثقته بنفسه كانتا نقطتي ضعفه، حتى المدرّس الجديد إذا ما أراد أن يفرض شخصيته وهيبته على الصفّ يقع نظره فوراً على «علّوش»، يمسكه من ياقة قميصه ويرفعه إلى أعلى، ثم يضربه في مقعده، فيصمت الجميع. وفي المقابل، إذا ما أراد أي من طلاب الصف أن يحصل على انتصار رخيص أو بطولة شبه مجانية أمام بقية الطلاب فما عليه إلا أن يستقوي على «علّوش» المسكين، هذا فضلاً عن أن «علّوش» هو المتّهم الأول بالتخلف العقلي، وإثارة الشغب، وخرق النظام، وعدم الانصياع لأوامر مربّي الصف، والتشويش على بقية الطلبة، وبالتالي ذنبه دائماً مضخّم، وإنجازه على الدوام مقزّم، ناهيك إلى قيام «زعران» الصف بمصادرة مصروفه اليومي ومن ثم استخدام ظهره درجاً بشرياً للصعود إلى الطوابق العلوية أو للهروب من الشرفات.
الإسلام والمسلمون في المجتمع الدولي يشبهون إلى حد بعيد «علّوش» في المثال السابق، فكلما أرادت دولة عظمى أن تربي دولة منافسة أخرى أو تفرض هيبتها على إقليم أو قارة، أول ما يقع نظرها على دولة عربية أو إسلامية فتضربها أو تحتلها ليصمت الجميع. وإذا ما أراد مرشح للانتخابات الرئاسية أن يعمل دعاية مجانية لحزبه أو لبرنامجه الانتخابي ما عليه إلا أن يقوم بمهاجمة المسلمين في بلده وتشويه صورتهم وإظهارهم على هيئة جراثيم بشرية واستخدامهم درعاً لصد كل منافسيه، وقد فعلها (توني بلير سابقاً، بوش، أوباما، ميركل، وغيرهم)، ويفعلها الآن (ساركوزي). الغريب أنه رغم مهاجمتهم المسلمين، فإنهم يستخدمونهم في الوقت نفسه لوحة إعلانية مجانية كبيرة.
فكلما أراد أي منهم أن يحصل على انتصار رخيص أو بطولة «ببلاش» في دورته الرئاسية فما عليه سوى أن يربط «مقطورة» الإرهاب في قاطرة الإسلام ويدفعها قليلاً إلى مسامع الناخبين، حتى ترتفع شعبيته أضعاف ما كان يتوقع في مراكز الدراسات الاستراتيجية. فالإسلام والمجتمعات الإسلامية بنظرهم المتهم الأول بالتخلف السياسي والاقتصادي، وهم مثيرو الشغب العالمي، وخرق النظام الدولي، وعدم الانصياع لمربي الصف (أميركا)، وإنتاج منظمات إرهابية هدفها زعزعة السلم الأممي، وبالتالي دائماً ذنب المسلمين في بلادهم مضخّم، والإنجاز بالتأكيد مقزّم، فهم عناصر غريبة لا يمكنها الانصهار مع تركيبة مجتمعاتهم أو جلب الخير والمنفعة، حسب وجهة نظرهم.
المشكلة أن الأمر لم يعد يقتصر على السياسة فقط، لاحظوا أن أي روائي مغمور أو شاعر غير معترف به أو رسام كاريكاتير فاشل أو فنان لا يساوي«قشرة بصلة»، إذا أراد أن يشتهر بسرعة ضوئية ويصبح نجماً على مستوى العالم في غضون أيام، ما عليه سوى أن يهاجم الإسلام أو يتعرض لرموزه، والنتائج مضمونة.
يا إلهي، متى سنظل هكذا.. مجرد درج بشري لمنصات تتويجهم؟
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .