للعنف صنّاع آخرون

النزوع إلى العنف ظاهرة عالمية، وهو أحد مظاهر السلوك المعولم الذي أصبح من القواسم المشتركة بين المجتمعات البشرية، ولكن بنسب متفاوتة. البحوث في ذلك كثيرة، بل تكاد تكون مادة دائمة على طاولة الباحثين. وما يحدث عندنا في المدارس والأحياء وأماكن الترفيه وتجمعات المراهقين هو رجع صدى لذلك الانفلات العالمي، لذلك، ومع التقدير لما يشير إليه بعض الدارسين من عوامل تخص الأسرة وحدها، تتسبب في انتشار ثقافة العنف لدى اليافعين خصوصاً في المدارس، فقد أصبح لهذه الثقافة صناع آخرون غير التفكك الأسري وأساليب التربية الخاطئة، سواء بالقسوة أو التدليل الزائدين.

لا يمكن تجاهل تلك الأسباب الأكثر وضوحاً، ولكن لا يمكن في المقابل تجاهل حقيقة أن الكثير من الأسر ذات المعيل الواحد نجحت في تربية أطفالها بشكل مثالي، ولا يمكن نسيان أن الشدة كانت من عناصر تربية آباء زمان، ولم تسفر في عمومها عن تخريج شباب جانحين و«فتوات» عنيفين.

الكثير من الوسائط والوسائل أصبحت اليوم شريكاً بل لاعباً أساسياً في توجيه السلوك وصناعة الميول وصياغة الأخلاق، وكل هذه الوسائط والوسائل تتزاحم فيها دعوات تزيين العنف وتشجيع الكراهية والتحريض على الإيذاء. وقد طورت هذه الوسائل أساليبها لتوسع دائرة العنف من البطش بالعضلات الى نسج المكائد. رسوم متحركة يدور محتواها على الصراع والتخلص من الآخر، وألعاب إلكترونية تفتح خيال الطفل والمراهق على آفاق من العدوانية وسفك الدماء واستخدام لغة الدمار الشامل، وأفلام تفتح باب استخدام العنف على مصراعيه تحت بند أفلام «الأكشن»، حتى الألعاب الترفيهية صارت من جنس الأفلام التي تعتمد الخوف والتخويف أسلوبين للتشويق، لذلك نحن بحاجة إلى عملية ارتداد تستعيد بها المدرسة عنصر التربية إلى جانب التعليم، ودور أكبر للمسجد ليستعيد دوره الذي يوجه ويزرع الطمأنينة.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة