«متعوب عليها»..
أجرت مطبوعة محلية مشكورة مأجورة دراسة «متعوباً عليها» لأسباب عزوف المواطنين عن العمل في البنوك المحلية، ولكنها أفسدت الدراسة القيمة في ما بعد بفقدان المصداقية بـ«شلف» الأسباب الحقيقية وراء هذه الظاهرة.
الدراسة اختصرت الأسباب في ثلاثة رئيسة: السبب الأول قلة أيام الإجازات بالنسبة للقطاع الحكومي، وهذا صحيح فهاتف أي موظف في بنك لا يستقبل يوم السبت مثل تلك الرسالة التي يقصد بها المغايظة: «شو الدوام وياك.. احنه في القهوه»، والله أعلم بالنوايا. السبب الثاني كان سقف المعاش التقاعدي المحدد بنحو 50 ألف درهم حداً أقصى. والثالث كان ضعف الامتيازات مقارنة بالقطاع الحكومي، وجميعها بالطبع غير صحيحة ولا مقنعة غير السبب الأول، وبدا واضحاً إلغاء الأسباب الحقيقية لرغبات إعلانية أو «أجندات» خاصة.
لنا زميل كان يعمل في أحد البنوك الأجنبية، وكلما جلسنا في مطعم أو خرجنا في رحلة وأصابته النخوة وأراد الدفع، حلف عليه الجميع بألا يفعل، كان المسكين يسأل بتوجس وهو يعرف الإجابة سلفاً: لماذا؟ فيأتيه الجواب من الجميع بصوت واحد: فلوسك حرام! كنا نستمتع حقيقة بتعذيبه، إذا كُسر شيء معين في سيارته نظر بعضنا إلى بعض تلك النظرة ونحن نتمتم بصوت نقصد أن يسمعه: فلوس.. الله يهديه.. السحت. وإذا أرسل لنا «مسج دعاء» في يوم الجمعة نتفق جميعاً ونرسل له عبارة «أطب مطعمك». باختصار عقّدناه حتى استقال وذهب ليداوم في منطقة بعيدة تبعد أمتاراً عدة عن «جلعة إبليس» ولكنه تخلص منا ومن البنك!
دراسة أخرى أكدت استقالة 2667 مواطناً ومواطنة من القطاع المصرفي، وهو ما وصفه أحد الزملاء الإعلاميين ببداية فشل لأجمل قصة توطين ناجحة نفذتها لجنة حكومية لزيادة المواطنين في قطاع متخصص.
لماذا تخشى الدراسات ذكر السبب الحقيقي ووضعه على الطاولة ومناقشته بصراحة ووضع الحلول له. ما العيب في أن يطرح السؤال بصراحة: موظفو البنوك التي لا تعمل بالنظام الإسلامي يؤمن كثير منهم بأن أموالهم ليست من مصدر طيب، فهل هذا صحيح ؟ وما الحل؟ وما أقوال العلماء والمفكرين وأهل الاقتصاد في ذلك؟ والأهم ما البديل لهم؟ بهذه الطريقة يمكن عمل دراسات حقيقية وواقعية وشجاعة، أما أن تقول الدراسة إنهم لا يرضون بتقاعد 50 ألفاً، فأعتقد أن معظم موظفي القطاع المصرفي سيقولون: «عطونا 50 وعيب على اللي ما يتقاعد!».
Twitter:@shwaikh_UAE
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .