ما الذي يجري؟
يحق لنا جميعاً أن نتساءل ما الذي يجري؟! وما الذي يحصل؟! خصوصاً أن كلنا يعرف هذا الذكر النبوي الجليل: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام. فالإسلام دين السلام، ودين الرفق والرحمة، وليس دين العنف والقسوة والغلظة، وما نراه ونسمعه من تزايد حالات العنف عند الناس في شتى المجالات أمر يجعلنا نتوقف عند هذه المسألة توقفاً عظيماً. إن الأصل في معاملة الخلق أن يعاملوا بالحسنى واللطف والرحمة، فمن عاملهم بهذه الطريقة كان له الأجر العظيم الجليل، فقد جاءت النصوص المتكاثرة في تقرير هذا الأصل الإسلامي النبيل، فهذه المعاملة الطيبة ستترك انطباعاً رائعاً في القلوب، كما أن المعاملة العنيفة تترك انطباعاً سيئاً، وأحياناً أمراضاً نفسية قد يعاني منها الإنسان طوال عمره.
إن الصغار يتعلمون العنف بسبب كمية العنف التي يتعرضون لها أو يشاهدونها في بيوتهم أو في وسائل الإعلام المختلفة، فحتى أفلام الكرتون ما سلمت من مشاهد العنف، فعندما يشاهد الطفل والده يعامل والدته بقسوة وغلظة وعنف فإن هذه الصور المؤلمة ستولد عنده عنفاً كبيراً مع الغير، إما بسبب القدوة السيئة أو بسبب الضغط النفسي الذي يعيشه الطفل، فنفسيات الأطفال سريعة التأثر بما يراه الطفل ويشاهده، وقد قال لي أحدهم إنه لا يمكنه نسيان موقف ضرب فيه والده والدته لما كان صغيراً، فهذه ذكريات تبقى وتبقى في القلوب.
ولا أتخيل حقيقة مشاعر طفل يتعرض لعنف وأذية جسدية في مدرسته من أحد المعلمين، فكم سيترك هذا العنف من آثار نفسية سيئة للغاية في نفسية الطفل أو حتى الشاب المراهق، فالمعلم لا يقوم بتعليم الطالب المسائل العلمية فقط، بل إن وظيفته أسمى من ذلك، فهو يقوم بتعليمه القيم والمبادئ والأخلاق، ومبادئ العنف ليست من قيمنا وأخلاقنا وثقافتنا. ولو قامت كل إدارة مدرسية بين الفينة والأخرى بتنظيم دورة قصيرة في فن التعامل مع الطلاب لكان في ذلك حل لهذه المشكلة بإذن الله.
ومن صور العنف الخطرة التي بدأنا نسمع عنها بشكل أكثر وأكبر العنف الموجود بين فئة الشباب، والمراهقين خصوصاً، فاستخدام السيوف والسكاكين لغة أساسية في هذه المشاجرات، وهذه المشكلة لابد أن تعالج من جميع فئات المجتمع بالتوعية والتوجيه، أولاً من خلال حملات توعوية في المدارس ومختلف وسائل الإعلام عن خطورة هذه النوعية من العنف، ويُعلّم فيها الشاب أيضاً طريقة التصرف المناسبة في حال تعرضه لتهديد بالعنف، ويحضر هذه الدورات أولياء الأمور، فدورهم هو الأساس في توعية وتوجيه أبنائهم، ثم يأتي بعد ذلك الشق الثاني وهو عقوبة المتورطين في مثل هذه الأعمال، فأمثال هؤلاء لابد من إغلاظ العقوبة عليهم، فقد تزهق بعض الأرواح بسبب هذه المشاجرات، أو تقع بسببها إعاقات دائمة.
وللإعلام كلمة مؤثرة في هذه القضية، فكمية العنف المشاهدة في وسائل الإعلام تنذر بمؤشرات خطرة لابد من وضع حد لها، وأتمنى حقيقة من وسائل الإعلام المختلفة أن توصل رسالة للمجتمع بجميع شرائحه: لا للعنف بجميع صوره وأشكاله.
مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي .
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .