كل يوم

من منا بلا خطيئة؟!

سامي الريامي

نحتاج في هذه المرحلة إلى تفعيل مشروع التلاحم الاجتماعي، بل تطويره وتعميمه، وتدعيم مبادرات مختلفة تخدم هذا التلاحم وتحافظ عليه، قبل أن تطغى الممارسات السلبية التي بدأت تطل على المجتمع من أبواب مختلفة.

نحن مجتمع صغير، مواطنوه أقلية، في دولة حباها الله بنعم كثيرة، ومع ذلك استشرت بعض الطباع الغريبة غير المألوفة بين المواطنين، على الرغم من التحديات والصعاب التي تحيط بهم، وبدلاً من أن يكونوا يداً واحدة لبناء مستقبل أفضل، بدأنا نشعر بتجاوزات وتصرفات لا يمكن القبول بها.

لا أستطيع بالتأكيد أن أصنف هذه الملاحظات على أنها ظاهرة، ولا أعرف مقياساً يحدد مدى ودرجة انتشارها، لكنها ملاحظات عامة، لست وحدي من شاهدها أو شعر بها، هي ملموسة وواضحة، في المجالس، وفي عالم التواصل الاجتماعي، الذي أظهر لنا وجوه المجتمع كافة، جميلها وقبيحها، وفي أماكن العمل، والتجمعات ذات الأغلبية المواطنة، نجد أن هناك سلبية شبه دائمة عند الحديث عن شؤوننا المختلفة، كثيرون لا يعجبهم العجب، ولا يطربهم الإنجاز، ولا تحرك فيهم ساكناً كل خطوات التقدم والتطور التي نمر بها، ليس ذلك فحسب، بل أصبحت سمات الحسد والحقد والعداء، عند كثيرين، واضحة تجاه كل من هو ناجح ومتميز، فتلاحقه كلمات وعبارات الإحباط، وكلمات التقليل من الشأن والإنجاز، وترصده نظرات التصيد، ودائماً هناك من يترك الجوهر والمهم، ويتمسك بقشور السلبية، يبحث عنها ليضخمها!

هناك عدائية واضحة من قبل البعض، عداء تجاه كل ما هو جميل، يترجم بكلمات لاذعة، ووصف مشين، ولم يسلم من هذه النبرة العدائية أحد، الكل على مرمى حجر من الانتقاد وكيل الاتهامات، وتزوير الحقائق، هؤلاء تشعر بأنهم يترقبون المجتمع وينتظرون الفرصة للانقضاض، لا يتركون شاردة ولا واردة إلا يستغلونها بشكل سلبي سيئ، ينتظرون الأخطاء ليحولوها إلى معلقات وملاحم للنيل من أصحابها، ولا يهم من يكون هذا المخطئ، لم يسلم أحد، سواء كان وزيراً أو مديراً، فناناً أو كاتباً أو شخصية مرموقة أو غير مرموقة، لا مجال للتسامح، ولا مجال للستر أو الرحمة، أي رحمة عند هؤلاء وهم ينتظرون زلات البشر، لتبدأ مهرجانات الشتم والتعليقات البغيضة، وكل الأسلحة والعبارات المحرمة شرعاً وعرفاً وقانوناً تصبح جاهزة للاستخدام!

لا أجد تفسيراً لهذا السلوك غير السوي، الذي بدأ ينتشر بيننا، فنحن نفخر بمكارم أخلاقنا، عرباً ومسلمين، وأهل نخوة وذمة، والمسلم هو من سلم المسلمون من لسانه ويده، فهل سلم أحد إلى الآن من تهكمات أو تلميحات أو تعريض أو ما هو أشد من ذلك؟!

نحتاج إلى مشروعات ثقافية واجتماعية عدة لإعادة التلاحم الاجتماعي بين فئات المجتمع، فليس من مصلحة أحد استمرار هذه الأمور السلبية التي تصنع حواجز ضخمة من الإحباط أمام كل الناجحين، ومن هم على طريق النجاح، صحيح أن الشجرة المثمرة هي ما ترمى بالحجارة، لكن كثرة رمي الحجارة قد يصيب الشجرة في مقتل!

يجب أن نتعلم أن نترك كل أمر لأهله، ونتفرغ لأنفسنا نطور فيها، ونصنع منها شيئاً مفيداً للوطن والمجتمع، متى سنترك الخلق للخالق، والمخطئ للقانون، والقرار لصاحب القرار؟ ومتى سنتعلم التسامح وستر بعضنا بعضاً؟ ومتى سندرك معنى «من كان منكم بلا خطيئة، فليرمها بحجر»؟!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر