كل يوم

عضلات بفعل فاعل!

سامي الريامي

لا حصر للمخاطر التي تحيط بالشباب هذه الأيام، ومع ذلك نسهم جميعاً في تكريسها وزيادتها، ونسهم بشكل غير مباشر في تذكيتها، وتشجيعهم عليها في أحيان كثيرة.

لا يمكن لأحد أن ينكر خطورة لعبة بناء الأجسام على الشباب، ولا يمكن لأحد أن يدافع عنها، أو عن هؤلاء الذين يدمرون حياتهم وحياة أسرهم في سبيل إظهار عضلات مفتولة مزيفة، تنتفخ في لحظات وتحطم الشاب خلال بقية سنوات عمره!

يجمعهم اتحاد رسمي مشهر من قبل هيئة الشباب والرياضة، ونشاطهم يعد قانونياً في ضوء ذلك، لكن ما وراء ذلك أمور في غاية الخطورة، يعرفها جميع من يمارس اللعبة، ولا أستثني من ذلك مسؤولاً أو مدرباً أو إدارياً، فالجميع يعرف أن للجسم حداً لا يمكن أن يتعداه في الشكل والضخامة من دون تلك الإبر والهرمونات والمنشطات الخطرة جداً، التي تدمر الجسم داخلياً خلال فترة من الزمن لا تتعدى بضع سنوات!

تنتشر هذه المنشطات، أو «المدمرات» على وجه أدق، في معظم، إن لم يكن جميع، صالات «الحديد» المنتشرة، والمدربون بشكل عام هم من يديرون هذه التجارة الرائجة بالنسبة لهم، ويقنعون ضحاياهم بشكل مستمر بالدخول في هذه «الكورسات» من الإبر والهرمونات إغراءً للحصول على عضلات أكبر عملياً هي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل تعمل على موت خلايا الجسم، وتصيب الكلى والكبد والقلب والرئة وحتى الجهاز الهضمي، وكل شيء في جسم الإنسان الداخلي!

«بناء الأجسام» ليست لعبة أولمبية، كما أنها غير معترف بها في جميع بطولات العالم الرسمية، والقائمون عليها عالمياً هم مجموعة من الشركات ذات هدف تجاري بحت، لا يأبهون للجانب الإنساني أبداً، كما أن الاتحاد العربي للرياضات حذفها من برنامج رياضاته أخيراً، فلا بطولة جديدة لهذه اللعبة البشعة، والأكثر من ذلك تلك الخطوة التي اتخذها المجلس الأولمبي الآسيوي حديثاً بإلغاء هذه اللعبة من برنامجه، هم فعلوا ذلك عندما أدركوا خطورة الوضع، وكما أسلفت فهي ليست لعبة أولمبية أصلاً، وغير مدرجة في الأولمبياد، فما المبرر الذي يجعل هيئة الشباب والرياضة مازالت تحافظ على هذه اللعبة ومن خلال اتحاد رسمي؟!

كتبت الصحافة هنا عشرات التحقيقات الصحافية حول مخاطر ما يحدث في الصالات المغلقة لهذه اللعبة، وكذلك فعلت جميع صحف العالم، والتقارير الطبية تثبت خطورة هذه اللعبة على الإنسان، بل استضفنا في «الإمارات اليوم» ذات مرة بطلاً محلياً في هذه اللعبة خرج لينصح الشباب بالابتعاد عنها بعد أن تركها وهو الآن يعاني أكثر من سبعة أمراض في حين أنه مازال في عقده الثالث، والأدلة على عدم أهمية وجدوى وفائدة هذه اللعبة كثيرة، والأكثر منها الأدلة على قدرة هذه المنشطات والإبر والهرمونات التي يتعاطونها على تدميرهم وتحطيم آدميتهم بسرعة شديدة.. فماذا ننتظر؟!

أعتقد أن الوقت قد حان لوضع حد لهذه اللعبة الخطرة التي قضت على كثير من الشباب، خصوصاً أن وزير الشباب والرياضة حالياً هو وزير الصحة بالوكالة، ومن السهل عليه التأكد من خطورة العضلات المنفوخة بفعل فاعل على شباب الإمارات.

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر