5 دقائق
مجزرة الحولة
استميحكم عذراً معاشر القراء الكرام إن خرج مقال اليوم عن أدبيات الكتابات الصحافية، فكلماتي اليوم أسطرها بيراع الحزن ومشاعر الألم والحسرة، فقد أصبح منظر الدماء والجثث التي نشاهدها عبر وسائل الإعلام التي تنقل لنا بعض ما يجري في بلاد الشام، وما يتعرض له أهلها الكرام من مجازر وحشية أمراً متكرراً، للأسف الشديد، ففي كل يوم يُقتل بينهم العشرات، وقد يُجرح المئات، لكن الصور المرعبة التي جاءتنا من الحولة مختلفة تماماً، صور تصمت معها الكلمات، ولا تملك إلا أن تذرف معها الدمعات من قسوتها وفظاعتها.
هل تخيلتم مشاعر هؤلاء الأطفال والنساء قبل أن يذبحوا؟ يا ترى ما الذي كان يدور في بالهم وفكرهم؟ هل توقعوا قبلها بيوم أو ساعات أن تكون النهاية هكذا؟ ذهبت أحلامهم وآمالهم، وذهبت أيضاً أرواحهم، رحمهم الله وغفر لهم.
ولكم أن تتخيلوا مشاعر طفل رأى أمه تذبح أمامه، أو مشاعر زوج رأى زوجته تقتل أمامه، وهنا لابد أن أتوقف، لأن الأمر لا يمكن أن يُعبّر عنه.
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي الصحابة الكرام قبل المعركة: لا تقتلوا وليداً. وفي حديث آخر: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء، فهذا هو دين الإسلام، فهل من الرجولة أن يقوم رجل مدجج بالسلاح بالتسلط على أطفال ونساء لا يملكون حولاً ولا قوة؟
لا أكاد أصدق ما رأيت، لكن في النهاية مجزرة وقعت وراح ضحيتها العشرات من الأبرياء، وأصبحت نقطة تحول في تاريخ العرب الحديث، وللقاتل يوم عند الله، فمن ظن أن مسائل الاعتداء على الدماء والأرواح تمضي هكذا من دون حساب ولا جزاء فقد خاب وخسر، فالظلم عاقبته وخيمة جداً في الدنيا قبل الآخرة، وكيف يطيب له نوم وهو الذي يراهم يفعلون هذه المخازي، بل قد يوصيهم بفعل هذه المجازر، ثم يزعم أنه يسعى للسلام وحفظ مصالح شعبه، وإذا قال لي الشعب ارحل فسأرحل، إلى غير ذلك من الكذب البغيض الذي يتفوه به.
إننا نرى هذه المناظر ونحن نعيش في نعم عظيمة من الله جل جلاله، فهذه المجزرة القبيحة تذكرنا بفضل الله علينا، فنعمة الأمن والأمان من أعظم نعم الله علينا، نأمن على أبنائنا ونسائنا وديننا، فهذه نعمة تحتاج منا إلى شكر عظيم، والشكر من مقيدات النعم والخيرات ومن أسباب زيادتها، تجد رئيس الدولة ونائبه وولي عهده يمشون بين الرعية، يقابلهم الناس، ويسلمون عليهم، من دون حرس أو سلاح، في منظر قد لا نراه في دول أخرى، بل ما سمعت في حياتي عن حاكم يتصل على الإذاعة وينهي مطالب الناس في أسرع وقت وأقصره، فجزاهم الله خيراً وبارك فيهم، اللهم احفظ علينا نعمة الأمن والأمان، وانصر إخواننا في بلاد الشام.
اللهم آمين
مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .