كل يوم

التوعية وحدها لا تكفي!

سامي الريامي

تجربة متميزة شهدتها دولة خليجية، لتقليل تكاليف حفلات الزواج، قامت من خلالها الحكومة بتشييد قاعات كبيرة للأفراح في المناطق السكنية المختلفة، تستضيف الشباب الراغبين في الزواج، وتهيئ لهم المكان المناسب، في حين يتحملون هم نفقة التجهيز للحفل، هي فكرة بسيطة لكنها وفرت مبالغ كبيرة على الشباب المقبلين على الزواج، والأهم وضعت حداً للتفاخر والتباهي والصرف ببذخ على نوعيات الطعام وصالات الفنادق الباهظة الثمن.

ونحن في الإمارات أيضاً هناك جهود ضخمة تبذلها الحكومة، من أجل التسهيل على الشباب وتيسير أمور زواجهم، وتجربة «صندوق الزواج» مميزة ومتفردة على مستوى الإقليم وحتى العالم، لكن مع ذلك هناك مشكلة حقيقية يواجهها المجتمع في مسألة انتشار ثقافة الصرف ببذخ على حفلات الزواج، لدرجة وصول ذلك إلى السبب الأول والمباشر لامتناع الشباب عن الارتباط بمواطنات، ما أدى إلى ارتفاع نسبة العنوسة بشكل كبير.

91 ٪ من عينة دراسية، أجراها «صندوق الزواج»، لقياس وعي الشباب المواطنين بالمتغيرات المتعلقة بتكاليف الزواج، اعترضوا على مبالغة أولياء الأمور في قيمة مهور بناتهم، و3. 37٪ رأوا أن تكاليف الزواج الباهظة لا تتناسب مع ظروف الحياة المعاصرة، في حين 90٪ يرون أنه لا ينبغي للأسر الإصرار على تحقيق طلبات مالية لا عائد لها، والسؤال المهم هو: إذا كانت هذه النسب العالية موقنة تماماً بما تقول، فمن أين انتشرت ثقافة الصرف وارتفاع كلفة الزواج؟!

لاشك في أنه موضوع متشعب ومعقد، لكنه أصبح يشكل تهديداً للأسرة الإماراتية، والمجتمع، ويهدد مستقبل وجودنا في ظل تركيبة مختلة، وتالياً فإن من الضروري جداً إلحاق مثل هذه الدراسات بمجموعة من القوانين والإجراءات المساعدة التي تنظم هذه المسألة، وهذه مسؤولية الحكومة من دون شك، لكنها لن تنجح وحدها إن لم يتعاون معها الجميع، الأسر، وأولياء الأمور وجميع الجهات المعنية، إضافة إلى القطاع الخاص.

لا يمكننا ـ اليوم وبعد استفحال المشكلة ـ أن نعتمد على نشر الوعي وتثقيف أولياء الأمور، فمن لم يتثقف طوال الـ40 عاماً الماضية، لن تفيده مجموعة حملات توعوية، ولن تغير في مفهومه شيئاً، ومن تكرست في أذهانهم أفكار المبالغة والمزايدة على الآخرين كنوع من التميز، لن تفيد معهم عبارات التوعية مهما كان شكلها وحجمها!

نحتاج إلى ما هو أكثر من التوعية، فلا مانع من قوانين تنظيمية، وإجراءات واضحة، ومحفزات من نوع صالات «الفرجان»، أو تحديد أسعار الفنادق كنوع من إسهام القطاع الخاص، ونحتاج إلى ضغط متواصل لجعل القطاع الخاص أكثر تجاوباً وتفاعلاً، وكفاناً مراعاة وتدليلاً له، في حين أنه أبعد ما يكون عن قضايانا الوطنية والمجتمعية، وكأن المجتمع لا يعنيه، ولا يمثل له سوى آلة لدفع الأموال!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر