البقرة الكاذبة.. مدريدية!
من المضحك أن يشكك الجمهور في نيات البقرة العرّافة «إيفون» التي برزت الى الأضواء أخيراً، وشرعت تطلق التوقعات يميناً ويساراً، للتنبؤ بنتائج مباريات بطولة أمم أوروبا الحالية 2012 في بولندا وأوكرانيا، في طريقها لاكتساب شهرة الأخطبوط «بول» الذي شغل العالم في مونديال ،2010 بعد ان اصابت توقعاته بنسبة 99٪ ولم يخطئ الا في مباراة واحدة.
ومسكينة هذه البقرة الفصيحة، انطبق عليها المثل المصري القائل «أجت الحزينة تفرح ما لقت لها مطرح»، فخاب أملها من أول توقع لها عندما اختارت وعاء الطعام الذي يحمل علم البرتغال متنبئة بفوز برازيليي اوروبا على الألمان قبل اللقاء الذي أقيم ليلة السبت، في منافسات المجموعة الثانية، حيث جاءت النتيجة معاكسة، ففاز منتخب الماكينات بهدف للعملاق غوميز الذي نثر اعلاف البقرة على وجهها، وأكد منطق كرة القدم وعلو كعب منتخب بلاده على البرتغال.
والمشكلة ان هذه النتيجة اعادت المناكفات من جديد بين جمهور برشلونة وريال مدريد، التي يبدو انها لن تنتهي، إذ علق أحدهم مازحاً بأن البقرة لم تتوقع النتيجة بحيادية، بل بالعاطفة كونها من مشجعي ريال مدريد، وانحازت الى جانب النجم كريستيانو رونالدو ومنتخب بلاده، حالها حال آلاف من مشجعي النادي الملكي الذين شجعوا البرتغال ليل السبت، وتمنوا ان يسجل فتاهم الذهبي هدفاً يهز قلوب البرشلونيين، بينما كان انصار النادي الكاتالوني يستمتعون بهاتريك الأهداف الذي سجله طفلهم المدلل ميسي في مباراة ودية مع البرازيل اقيمت بتوقيت متزامن مع مباراة المانيا والبرتغال، وأحد هذه الأهداف لا يصدق بعد ان ركض اللاعب الأرجنتيني بالكرة مسافة طويلة وسددها من مشارف منطقة الجزاء في زاوية مرمى السامبا.
عموماً هذه البقرة يجب ألا تفسد للود قضية في العلاقة الأزلية بين مشجعي الناديين الإسبانيين، ومتعة المناكفات الدائرة بينهما، فدعوها تتوقع ما تشاء، من دون أن تصنفوها مدريدية أو برشلونية، ولا تصدقوها من اليوم فصاعداً بعد ان كذبت علينا في المباراة الأولى، فهي الآن ضمن سلسلة من الحيوانات التي ركبت موضة التوقعات، اذ سمعنا عن كلب وفيل وزرافة وببغاء وعنزة وأرنب، وغيرها الكثير من الحيوانات التي بات ظاهراً انها مجرد خدع يلجأ اليها اصحاب هذه الحيوانات من اجل كسب قلوب المشجعين والمتاجرة في رغبات الناس، لرفع قيمة حيواناتهم المالية والترويج لها إعلامياً.
حتى وإن صدقت التوقعات فهي تبقى في اطار المقبول في كرة القدم التي تتقلب نتائجها بين العقل والعاطفة والحظ والمفاجآت، ويمكن لنا ان نقسّم التوقع الى جزأين الأول يغلب عليه الطابع العلمي البحت، وهو متداول في مواقع إلكترونية عدة، ويعتمد على تاريخ الفريقين ولقاءاتهما المباشرة، وتصنيفهما الدولي، ومراكز القوة والضعف الفني فيهما، واستعداداتهما الأخيرة، والغيابات المؤثرة، اما الجزء الثاني فيدخل في اطار التوقع بالخبرة والمتابعة، فضلاً عن الحظ الذي يؤهل اي شخص بتوقع نتيجة صائبة من دون الحاجة الى كل هذه الدراسات العلمية.
وأخيراً.. تداول توقعات هذه البقرة ومن قبلها الأخطبوط وبقية الحيوانات، هو نوع من المزاح والنكات واضفاء اجواء المرح للاستمتاع بمشاهدة البطولات الكبيرة، وليس من باب الإيمان بما تقوله، لأنه في النهاية «كذب المنجمون ولو صدقوا».
http://twitter.com/#!/ahmad6663
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .