مزاح.. ورماح
«شنغن!»
شعب «الأكشن» واللحظة الأخيرة، لا يدفع فاتورة الكهرباء قبل أن يشاهد سيارة «سيوا» تحوط في الفريج، ولا يقوم بتعبئة رصيد، إلا عند سماع نغمة «طييط» المميزة أثناء اتصال مهم، ولا يتذكر تصليح «التاير» الاحتياطي في السيارة، إلا بعد مناداة الكثيرين بمقاطعة المنتجات الإيرانية، وبالطبع فإن أحداً منا لا يفكر في استخراج تأشيرة «الشنغن»، إلا بعد أن يبدأ فعلياً بحساب الأميال المجانية وبإجراءات شراء «البناطيل والتيشيرتات البولو المملة إياها» من أجل العطلة الصيفية!
الرحلة السنوية لاستخراج التأشيرة، خصوصاً للذين لديهم أفراد في العائلة ليسوا من الجنسيات الخليجية، مأساة دورية، فدع عنك كم الأوراق والوثائق والتعهدات وكشوفات الحسابات البنكية، وصعوبة فهم بعض العبارات في «الفورم» فكلها تهون بعد أول لفحة هواء باردة في أمسية جميلة! لكن ما لا يهون ويعكر صفو الإجازة قبل أن تبدأ هو ذلك المشوار المهم للسفارات الأجنبية للتبصيم وخلافه، فهناك المواقع العبقرية لبعض السفارات في قمة برج أو في وادٍ سحيق مع استحالة العثور على موقف لـ«ضب»، خصوصاً في هذه الأجواء الربيعية الجميلة، حيث تضطر إلى الوقوف في مكان لا يبعد كثيراً عن وجهتك النهائية للسفر، ثم الذهاب مشياً للسفارة وانتظار مصعد يقوم بخدمة 30 أو 40 طابقاً، ثم الانتظار في صف لا ينتهي من المراجعين، ما يجعلك تصل إلى موظف السفارة و«روحك في خشمك»، لتفاجأ بأنه الموظف نفسه «بابو»، الذي تريد أن تهرب منه صيفاً، فإذا به في استقبال السفارة الفرنسية والإيطالية والتركية والليتوانية والكرواتية والأوكرانية.. هو دائماً هناك يبتسم باللغة المتشفية ذاتها، ويقول لك إنك أحمق وعليك ألا تبتسم في الصورة، ويطلب منك صوراً أخرى، ثم يدير وجهه إلى الجهة المقابلة صائحاً: «نييييكست»! تضطر إلى افتعال معركة صغيرة في محاولة يائسة لتتفادى البحث عن استوديو في هذا الحر الخانق، وأنت تعلم أنك لن تجده، وأن أعمال الصيانة تجعل المدينة أشبه بلعبة «حية ودرج»، فيلقي بك «السكيوريتي» إلى الخارج، ويوضع اسمك في «البلاك ليست»!
دع عنك المذلة في أن السفارات لا تفتح إلا في أوقات الدوام، وفي أيام العمل الرسمية، ويا له من إحراج أن تطلب يوماً أو يومين إجازات عارضة وأذون خروج، فالمدير الشرير سيجعلك تعوضها بأن تداوم يومين في آخر الأسبوع، والطيب ستستحي أن تطلب منه مرة أخرى! لذلك تتجلى عبقرية الحلاقين في بعض الدول العربية في أن وضعوا إجازاتهم يوم (الإثنين)!
أجمل شيء في «الشنغن» هو ذلك السؤال: هل ارتكبت جناية في حياتك، نعم أم لا؟ فهل يتوقع الأوروبيون مني بعد كل ما عانيته أن أجيبهم بصدق؟!
Twitter:@shwaikh_UAE
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .