اللهم بلّغنا رمضان

لم يتبق على شهر رمضان إلا شهر واحد من شهور السنة هو شهر شعبان، ستمر أيامه سريعاً، ويأتي بعدها شهر المكارم والفضائل، شهر الطاعة والعبادة، فيه ليلة خير من ألف شهر، وفيها نزل القرآن العظيم، شهر يشعر الإنسان فيه براحة وسعادة وطمأنينة وزيادة في التواصل والتراحم بين كل الناس في المجتمع، شهر يحن إليه الناس ويفرحون بقدومه فرحاً عظيماً، ويحمدون الله تعالى أن يسّر لهم إدراك رمضان، لذلك كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يستعد لشهر رمضان بالتقرب إلى الله عز وجل في شهر شعبان بالصيام، فكان يصومه إلا قليلاً، وكان صيام شعبان من أحب الصيام إليه، لذلك قيل عن صيام شعبان إنه كالسُنة الراتبة قبيل الفريضة، ومن تعود الصيام في شعبان سهل عليه صيام رمضان وأداء العبادات والقُرب المختلفة فيه، خصوصاً أن وقت الصيام سيكون في الصيف وشدة الحر، لكن: «من لاح له عظيم الأجر هانت عليه مشقة التكليف». ومن المهم جداً قبيل شهر رمضان المبارك أن نفكر كيف نستغله في الطاعات، فمن الناس من يخطط من الآن لتوفير شيء ولو كان يسيراً من المال للمشاركة في إفطار الصائمين، ومن الآن ينظم جدوله ووقته حتى تتيسر له الختمات الكثيرة للقرآن في شهر رمضان، ويحاول أن ينتهي من جميع الأمور المتعلقة بتجهيزات العيد حتى يتفرغ في رمضان للعبادة والطاعة، فهذه هي حال أصحاب الهمة العالية والعزيمة الكبيرة، فعندما نقرأ عن حال الرعيل الأول في رمضان نتعجب جداً، كيف يقومون بهذه العبادات العظيمة في شهر رمضان مع أنهم مثلنا في النواحي الاجتماعية، يعملون ولهم أسر وأطفال وأرحام! فالجواب لأنهم ألفوا الطاعة وتعودوها، وأصبحت الطاعات شأنهم طوال العام، فسهل الأمر عليهم أيضاً في رمضان.

وتجد الموفق من الناس من يتعلم أحكام الصيام في شعبان، ويحاول أن يعرف قدر استطاعته الأمور المستحبة في رمضان، فهو يريد التقرب إلى الله على نور وبصيرة وعلم، فمن الناس من يفعل أموراً ويظنها من مبطلات الصيام وليست كذلك، وقد يفعل أموراً ويظنها لا تبطل الصيام، لكنها في الواقع تبطله.

ومن الآباء والأمهات من يحرص على أن يوضح لأطفاله الصغار أهمية وفضل شهر رمضان من الآن، فتجد هؤلاء الصغار تتوق نفوسهم شوقاً لرمضان، فلا تظنوا أن الكبار فقط يشتاقون إلى رمضان، بل حتى الصغار. وأتمنى حقيقة أن أرى بعض الأمور التي تعودناها قبيل رمضان قد ذهبت من دون عودة، فمن الناس من يسرف إسرافاً عظيماً في الاستعداد لشهر رمضان، فيشتري الشيء الكثير من الطعام، وهو يعلم أن جزءاً كبيراً منه لن يأكله أحد، بل قد يرميه من دون أن ينتفع به أحد، فما هكذا يكون الاستعداد لشهر رمضان.

اللهم بلّغنا رمضان.. اللهم آمين.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

@alkamali11

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة