«عمورية!»
هي قصة قديمة ومستهلكة، ولقد زدناها استهلاكاً لكثرة ترديدنا لها.. قصة فتح عمورية، قصة وامعتصماه، قصة جيش «سُر مَنْ رأى»، قصة أبي تمام، قصة قصيدة «السيف أصدق إنباء من الكتب»، ليس فينا من لا يعرفها، وليس فينا من لم يسمع عن أولئك العرافين الأشرار، الذين أرادوا للمعتصم أن ينام هادئ البال، ويؤجل عمل اليوم إلى ما بعد غد، وينتظر تحقيق لجنة تقصي الحقائق التابعة للديوان العباسي.. وليس فينا من لا يعرف قصة صرخة المرأة التي أيقظت «الرجل» و«الفارس» و«الغيرة» في نفس المعتصم، وهي عناصر موجودة في كل معتصم، لكنها تحتاج أحياناً إلى الكثير من الصرخات لاستفزازه.
مازلنا نذكر ذات القصة في كل مناسبة، مجزرة في فلسطين.. قصة المعتصم.. مجزرة في لبنان.. قصة المعتصم.. مجزرة في البوسنة.. قصة المعتصم.. مجزرة في سورية.. قصة المعتصم.. ماجد ناصر شو تسوي هني؟! قصة المعتصم، بل حتى شعراؤنا الأفاضل مازالوا يلبسون عباءة أبي تمام في كثير من الأحيان:
رب وامعتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتم ... لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم!
إلا أن قصة حقيقية وقعت في هذا الأسبوع، استدعت قصة المعتصم بقوة، وبنداءات حقيقية هذه المرة.. فالقصة جرت للمرة الأولى مرة أخرى في «عمورية» في ذات الملعب لعبنا فيه مع الأعداء ذهاباً، وها نحن نلعب إياباً، علماً بأن عمورية تقع هذه المرة «في أرضنا»!
فقد قامت قوات الشبيحة بمجزرة في عمورية الواقعة الآن في ريف دمشق، ولم تترك فرصة لحرة أن تطلق صرختها، لكن الصور كانت أبلغ من ألف صرخة!
المعركة التي جرت قبل في عمورية قبل 12 قرناً كانت أيضاً في الصيف، وفي رمضان، ولكن الراعي فيها أنقذ الصارخين، فمن لهم اليوم إن كان الراعي عدو الغنم؟!
أكثر النقاط إثارة في قصة عمورية القديمة، هي أن المعركة بدأت أصلاً بسبب فتنة «بابك الخرمي»، الذي أراد إعادة الدولة المجوسية، وكان العرب يحاربونه، فاستعان بالإمبراطور البيزنطي (توفيل)، لكي يغير على شمال الدولة الإسلامية، لكي يخفف الضغط عنه! مقابل «حزمة من الحوافز»!
أين سمعت هذا السيناريو من قبل.. دي ـ جا ـ فو؟!
Twitter:@shwaikh_UAE
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .