«ميري شردت!»

على الرغم من أنني أجد العذر، كل العذر، لـ«ميري» عندما تشردت من منزل أحدهم، إلا أنه كان يجدر بها أن تكتب رسالة أشبه برسائل الانتحار التي يتركها إياهم، على الأقل لكي يحسب أهل المنزل حسابهم في الذهاب بالثياب إلى الدوبي، وبطلب الغداء من المطبخ الشعبي، وغيرهما من الأمور! أصبحت معتاداً على ذلك المسج الذي يصلني وأخوتي كـ«برودكاست»، ويحمل جملة واحدة «بالوردي»: ميري شردت، إضافة إلى وجه يعبر عن طبيعة العلاقة بين كاتب الرسالة و«ميري»، فهو إما غاضب أو ضاحك، أو وجه إبليس الشهير!

تشرد عشرات «الميريات» يومياً، ولبعضهن العذر، فهي مطالبة بأن تكون مُنظفة، ومربية، وحارسة، و«بتاعة» شاي، وخبيرة تجميل، ومدلكة، وطباخة تعرف مقادير الدايت لكل فرد في الأسرة، ومخلّصة معاملات، ومرافقة أطفال، وسباكة، وكوافيرة، وأخصائية نفسية، ومصلحة أدوات كهربائية، ولاعبة «كيرم»!

عندما شردت «ميري» لم أستغرب للحظة، فهي تعيش في منزل به ثمانية عزاب «يأكلون الزلط»، وصالة المنزل ليس بها سوى مكيفي «دريشة»، ما يجعلهم يتخففون من جميع الثياب ويشغلون المراوح التي تلعب لعبتها بالـ«وزره»! وجميعهم ينظر إلى ميري على أنها «جارية» لا بأس من اطلاعها على عورات الرجال!

حقيقة كانت ظاهرة حضارية وبادرة تبعث على السرور عندما ذهبت لإحضار بديل لـ«ميري» من أحد مكاتب الخدم في أبوظبي، الذي أبلغني بأنه لا يمكن إطلاقاً تسليم الخادمة قبل أن تتم دورة تدريبية لمدة ثلاثة أيام لكي تتعلم كيف تتصرف مع كل الظروف، بما يحفظ حقها وحق الكفيل، ويعرّفها إلى التقاليد والتقاليد «الطارئة»، ما يضمن عدم شردتها، أو تنازلها عن حقها! كما يوجد «سشن» خاص بكيفية التعامل في البيوت المكتضة بالعزاب!

مبادرة تستحق الإشادة والاحترام، خصوصاً أنها تطبق للمرة الأولى ومن شركة وطنية، وهو الأمر الذي يثير تساؤلاً مشروعاً عن حاجة الكثير من قطاعات المجتمع إلى مثل هذه الممارسات، فلو أن كل قطاع نواجه فيه مشكلة قام بتوعية عامليه قبل استخدامهم لخفّضنا حجم المشكلات إلى أقل من النصف، وأقترح أن نبدأ بمستخدمي شبكات التواصل بإعطاء دورات في فقه الاختلاف، قبل السماح لهم بعمل «أكاونت»!

والآن فلنوحد الـ«دي بي»: ميري.. سامحينا!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة