من المجالس
إشغال عن كامل الصورة
لماذا تزداد هجمة الدراما التلفزيونية في شهر رمضان خصوصاً؟ سؤال تلقيته وأحيله إلى «جهات الاختصاص»، فلربما لو تقدمت بـ«قرائها الخاصة» لهذا التوجه لواجهت تهمة الإصابة بفيروس نظرية المؤامرة، وداء «الظلامية»، وجرثومة الرجعية والماضوية، ومعاداة الإبداع وأهله، والفن وقبيلته، وفرض شرائع التزمت، والتجهم ورفض الآخر، وإنكار التعددية.. ولا أستبعد أن تنتهي صحيفة الاتهام بضمي إلى قائمة المطلوبين دولياً في قضايا الإرهاب، وقانا الله وإياكم شره وشرّ أهله.
ومن باب لزوم أمانة النقل، فإن تكملة السؤال تقول: لماذا جعلت القنوات الفضائية العربية شهر الصوم والقرآن والقيام والتهجد موسماً لطرح مزادها السنوي من المسلسلات التي خلطت فيها مغامرات المراهقين والمراهقات في المدارس والجامعات بغراميات القادة والصالحين ورموز التاريخ وصنّاع الأحداث؟ ولماذا يتم التمسك بالتاريخ الهجري في هذا الموضوع فقط ليكون موعداً مع «مفاجآت الموسم» ثم يرمى برزنامة التقويم الهجري في درج النسيان مع رحيل هلال رمضان؟ أرى أن مثل هذه التساؤلات «البريئة» تاهت وسط صخب الجدال الذي صار هو الآخر مسلسلاً سنوياً حول شرعية تمثيل أدوار الصحابة من عدمه، وذابت في خضم الانشغال بدعوات وقف مسلسل واحد محل خلاف، كأن مسلسلات تشويه الصورة والتعريض بالقيم والتعدي على الثقافة وتزيين التطاول على الموروث وإثارة الغرائز صارت بحكم الأمر الواقع من الأمور المقبولة والأعمال غير المسيئة. ربما لا يكون هناك أي رابط متعمد بين الاثنين، لكن لا يمكن تجاهل حقيقة أن كل تلك الضوضاء في زاوية واحدة من المشهد جعلت بقية الزوايا، التي ربما تكون أشد خطورة وتجاوزاً، بعيدة عن الجرح والتعديل.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .