من المجالس
خطأ = صح!
في رمضان تزداد الحاجة إلى المواد الغذائية! قول غريب لكنه واقعي. غريب جداً لأن رمضان شهر الصيام والتوقف عن الأكل أكثر من 14 ساعة في اليوم، وفيه تنقص الوجبات الرئيسة الى وجبتين بدلاً من ثلاث، ومن مقاصد الشهر التخفيف في الأكل والشراب إراحة للبدن ومعايشة الإحساس بالفقير. لكن القول في الوقت نفسه واقعي لأن اقبال الناس على شراء وتخزين المواد الغذائية في رمضان يفوق نظيره في بقية الشهور. سلوك أقرب الى الهلع منه الى سد الحاجة، يقابله استغلال بيّن من قبل التجار، يتبعه صياح وشكوى من الصائمين، لا من جهد الصيام وإنما من إجهاد الجيوب.
مفارقة عجيبة لا يوجد لها أي تفسير منطقي تجعل المسؤولين عن حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد يؤكدونها ويبرمجون عملهم ويستنفرون كل قواهم الإدارية والرقابية بناء على واقعها. زيادة في الطلب بدوافع نفسية بحتة، تقابلها مجموعة من المخالفات المحتملة من قبل أهل السوق، بزيادة الأسعار أو التلاعب في الميزان أو الغش في الجودة. ربما يقول قائل إن الطبيعي أن يكون الصيام سبباً لتخفيف اندفاع المستهلكين على الأسواق، ودافعاً للمزيد من الورع لدى التجار، وبالتالي يكون عامل تخفيف للضغط على الجهات الرقابية، وشهر استراحة لعمالها، لكن في غمار ثقافة الاستهلاك وسيطرة مفاهيم الإعلان وتجاهل مقاصد الشهر الفضيل واختلاط المفاهيم يصبح الطبيعي شاذاً والشاذ طبيعياً، وتصبح معهما زيادة الحاجة الى المواد الغذائية في شهر عنوانه الرئيس الصيام، من بديهيات الشهر التي يجب أن تحتاط له كل الجهات وتُستنفر من أجله كل الجهود!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .