مزاح.. ورماح
شو بتسوي؟!
تتعامل مجتمعاتنا مع المراهق على أنه «مشروع» منحلّ، أو «شبه منحرف»، أو «مجسم صايع»، لذا جرى العرف على أن يكثف الأهالي مراقبتهم لسلوك أبنائهم بشكل أكبر ما بين مرحلة البلوغ والرشد، وهم لا يعرفون أن المراهقة تبدأ ولا تنتهي، ولو وقف الآباء وقفة شجاعة مع أنفسهم لاكتشفوا أنهم مازالوا مراهقين أيضاً، لكن أزيلت عنهم دمغة «المراقبة».
إذا وقف الفتى على الشباك تأتيه «كبسة» من الأم وتسأله: شو بتسوي؟ إذا جلس في البلكونة فتح عليه أبوه الباب وسأله: شو بتسوي؟ إذا تركهم وجلس أمام التلفزيون ليتفرج على شيء ما، يتسلل أحد الإخوة الكبار ليسأله: شو بتسوي؟ إذا أشعل الكمبيوتر شو بتسوي؟ وإذا نزل عند الدكان شو بتسوي؟ وإذا تأخر ليلاً شو بتسوي؟ وإذا طوّل في الحمّام شو بتسوي؟
إذا اختطّ شاربه لم يسلم من تعليقات الأهل والأخوال: «زي شوارب نامق». زي لحية «سكوبيدو».. إلخ. إذا تكلّم يسأله الحاضرون: ليش صوتك صاير زي «المونيليكس؟»، وإذا شرع أحد أصدقاء الوالد بالكلام عن موضوع «للبالغين فقط» يغمز أبوالولد صديقه أن يختصر فهناك مراهق في الجلسة.
إذا برزت «حبّة» في وجه الشاب مثل كل البشر، تسأله أمه: هاي من شو؟ ثم يعود ويسأله أبوه وأخوه، وجارهم الدكنجي، وعامل المطعم، ومؤذن الجامع، ومدير المدرسة، ورئيس جميع الدجاج البياض، ومدير الجوازات.
كل حركة محسوبة وكل نفس معدود، فيخرج الشاب سلامة تسلمك «يخاف» أن «يقحّ» فيقولوا لقد «قحّ» هذا المشبوه.
بعد كل هذا الحصار، وتسألون لمَ هذا الجيل مهزوز؟
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.