كل يوم
لا خصوصية بعد اليوم!
البيانات الشخصية لم تعد شخصية أبداً، وأرقام الهواتف جميعها أصبحت متاحة بكبسة زر من خلال برنامج جديد انتشر بشكل سريع في الآونة الأخيرة، لتنتهك خصوصيات المستخدمين للهواتف الذكية، لأنهم ببساطة لم يتعاملوا معها بذكاء في حين أنها تتفوق عملياً بذكائها الفائق الفعلي لا الاسمي فقط.
بمجرد إدخال اسم شخص ما، يتيح البرنامج لك معرفة أرقام الهواتف الخاصة به، ولكم أن تعرفوا حجم المشكلة من هذا الخطر الجديد، المسألة ليست مبالغة، ولا هو أمر من بنات خيالنا وأفكارنا، قد تبدو المسألة من الوهلة الأولى غير ممكنة، ولكن بعد التحري وسؤال المختصين، تأكدت صحة المعلومة، فالبرنامج يمتلك قاعدة بيانات ضخمة تطال جميع من يستخدم هذه الهواتف، وهذه البيانات أصبحت متاحة لكل شخص من داخل الدولة وخارجها، فلا خصوصية بعد اليوم، ولا تستغرب أبداً أي اتصال تتلقاه من شخص، أو شركة، يعرف عنك الكثير ولا تعرف عنه شيئاً!
هذه البيانات الخاصة بالناس، لم تسرقها هذه الشركة المصممة للبرنامج، بل حصلت عليها بشكل شبه قانوني، من جميع مواقع التواصل الاجتماعي والبرامج التفاعلية وبرامج الاتصالات المختلفة المنتشرة على الإنترنت، معتمدة فيه هذه الشركات جميعها على ثقة كبيرة بأن المشتركين لا يقرأون شروط الحصول على البرنامج، الطويلة جداً والمكتوبة بخط متداخل وصغير، وبشكل ممل لا يشجع على القراءة، وبطريقة مقصودة طبعاً، وبذلك تم تمرير فقرة خاصة في هذه الشروط تعطي الشركة الحق في استخدام كل بيانات الهاتف الخاص بالمشترك، وفي نهاية العقد حصلت من المشترك على كلمة «أنا موافق»، وتالياً أصبح الموضوع قانونياً لا سرقة فيه!
بهذه الحيلة، نعاني اليوم انكشافنا على العالم كله، فالمسألة ليست سهلة، وهي ليست كما يرى البعض بأنه لا يوجد في بيانات الهاتف ما يمكن أن أخفيه عن الشركات، إنها سذاجة زائدة، فأرقام الهواتف المحفوظة في ذاكرة الهاتف بأسماء أصحابها تحولت فجأة الى ملكية هذه الشركات، وبما أن عدد المشتركين يتجاوز مئات الآلاف، معنى ذلك أن هناك ملايين الأرقام والأسماء أصبحت متاحة للجميع، يعني ذلك أن جميع أسماء وأرقام هواتف مواطني الدولة من مسؤولين وموظفين، والمقيمين فيها، متوافرة لمن يريدها من داخل الدولة وخارجها، فهل هناك انتهاك للخصوصية أكثر من ذلك؟ وهل هذا الأمر سهل لا خطورة فيه؟!
المسألة لا تخلو من الخطورة، ولا شك في أنها ستزيد خطورة مع خطوات مقبلة لا ريب فيها تستهدف الحصول على البيانات الأخرى، كالصور والرسائل النصية وغيرها، ما يزيد المسألة تعقيداً، وكل ذلك وارد، والمعلومات هي التجارة الرائدة التي تسعى الشركات لامتلاكها والمتاجرة فيها وتحقيق مكاسب مالية من خلال تزويد هذه المعلومات لكل من يريدها سواء على مستوى أفراد أو شركات أو حتى دول!
لا أعرف إن كان هناك حل لهذه المشكلة الجديدة، ولكن ما ينصح به المختصون حالياً أن يفكر جميع المستخدمين للهواتف الذكية 100 مرة قبل أن يضغطوا على زر «نعم» أو «أنا موافق» عند الاشتراك في أي برنامج، وعليهم ألا يحملوا أي برامج مشبوهة، خصوصاً برامج المحادثة التي تطلب الاطلاع على رقم الهاتف أو المعلومات الشخصية قبل إنزالها، إضافة إلى ذلك عليكم بالدعاء في هذه الأيام المباركة أن يقينا الله شر التقنية وشياطينها!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .