مزاح.. ورماح
«يا لهوي!»
قمت مفزوعاً على وقع صرخة مروعة خرجت من إحداهن، تلتها حشرجة من حنجرة متمزقة، وبمجرد أن فتحت عيني فوجئت بمنظر الجمجمة المهشمة، وبركة الدم المتخثر، وأصابع مبتورة، وخاتم عرس، وغيرها من اللزوميات التي تحتاج لرؤيتها إلى التأكد من كذبة المقولة المصرية «صباحنا إشطه»!
كل ما في الأمر أنه يبدو أنني قد استغرقت في النوم من دون أن أطفئ التلفاز على إحدى قنوات الأفلام المرعبة، وما أكثرها! واستمر العرض الشيق حتى جاءت تلك الصرخة المرعبة، وإن كانت لا تختلف كثيراً عن الصرخة التي توقظني فعلياً كل يوم.
لكن انظر إلى الموضوع من هذه الزاوية، لو أصابتني عقدة معينة بسبب «الفجعة» فلن يشكل الأمر مشكلة حقيقية، كل ما في الأمر أن هناك عقدة إضافية ستتم إضافتها إلى قائمة العقد التي أحاول حلها بالتدريج، وإذا أصابني الخبال، لا قدر الله، فسيكون خبراً سعيداً على بقية الورثة الذين سيتمكنون أخيراً من استصدار وصاية تمكّنهم من بيع أرض الصناعية التي أقوم بتأجيرها كل رمضان كملعب كريكت للجالية الهندية، لكن تخيل لو أن أحد أطفالك استيقظ ليلاً لقضاء «حاجة»، وبدافع الفضول الطفولي تناول الريموت وفتح إحدى هذه القنوات، ورأى ما رأى، ثم نتساءل عن سبب إصابة نسبة كبيرة من الأطفال بالعقد والتوحد.
لا أعلم من أين يجب أن تكون الحماية من هذه الحالة، هل من الأجهزة أم من الفضائيات؟ أفهم تماماً أن الممنوع من شيء معين عندما يتوقف كبته فإنه يحاول التعويض، ولهذا فوجئنا بـ100 قناة عراقية عند سقوط النظام، وإن كان معظمها تخصص «لطم أو رقص»، كما أفهم سبب خروج عشرات القنوات الليبية فجأة، والقاسم الوحيد بينها أن إحداها لا تستخدم خلفية خضراء، وأتفهم خروج عشرات القنوات الدينية المصرية، فكلها انعكاسات لما يحدث على الأرض، لكن استحداث هذا الكم الكبير من قنوات «أفلام الرعب» فهذا ما لا أفهمه! هل من قلة الرعب الذي نعيشه يومياً، بدءاً من فيلم «أين الرادار» وانتهاء بقنوات «شبيحة الشام»؟ قنوات رعب إضافية، وقنوات عنف إضافية، ثم نستغرب تعقّد أطفالنا، وحادثة وديمة، ونطحة المذكور بالخير!
... أمرٌ أخير لم أفهمه: لماذا تصرخ المفجوعة دائماً قائلة «يا لهوي»؟
Twitter:@shwaikh_UAE
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .