فتوى وخلوة
في الوقت الذي يبحث فيه المواطن العربي عن «موقف» أو نصف «موقف» أو «رُبع موقف» أو حتى «شوربة» بنكهة الموقف بين صراعات المصالح وأقطاب التفاوض، وإحباطات الهروب بالوطن الكبير بأقل الخسائر.
في الوقت الذي يبتلع فيه المواطن العربي «شريط» الأخبار، ويبتلع خلفه «شريط» أسبرين.. ويبحث في ثنايا الأنباء العاجلة التي تشبه لون الدم عن هيبة أمته.. تسأل أخت عربية أحد المشايخ قبل يومين: عن «جواز خلوة المريضة مع المسعف في سيارة الإسعاف». فيرد الشيخ أن وجود مسعفين ذكور مع مريضات إناث في سيارة الإسعاف يعتبر خلوة غير شرعية، ولا تبيحها إلا الضرورة القصوى التي تتمثل في سوء الحالة الصحية للمريضة.
لقد ترك سماحة الشيخ فتاوى الجهاد و«التجريم» والتحريم والانقسام والتخوين والحصار.. وخطرت على باله تلك الفتوى التي تتحدّث عن خلوة «طبّية» في سيّارة الإسعاف!
ترى يا صاحب السماحة، وفي هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها الأمة، هل من الجائز ملامسة «بربيش» المغذّي لذراع المريضة، كون «البربيش» مذكراً والمريضة أنثى؟ وما درجة كراهية استخدام «لفّة» الشاش من قبل مسعفين ذكور، كون «اللفّة» مؤنثة، والمسعف مذكّراً؟
هناك أسئلة أخرى أود طرحها على سماحة الشيخ: بما أنك حرّمت الخلوة الشرعية بين المسعف والمريض، فهل لك أن تخبرنا إذا ما كانت خلوة الأنظمة الإجرامية بشعوبها خلوة شرعية بنظركم؟ وهل خلوة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بوزراء الخارجية العرب خلوة شرعية أيضاً؟ هل تجوز «المضمضة» بماء الوجه العربي؟ وهل حان الوقت الآن؟ حسب التوقيت الدموي أن نصلّي صلاة «الغائب» على الضمير الدولي؟ وهل يجوز أن «نوتر» بثلاث قمم دون أن نلقي «التحيات» على بعضنا أو نسلّم على يمننا.
وأخيراً.. هل تجوز الوحدة العربية إذا ما تمّ التيمم على تراب واشنطن؟!
أجيبونا، جزاكم الله عنّا كل خير!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.