«سنفور غاضب!»
لم أحاول فهم شخصية ما وفشلت في ذلك مثل محاولاتي المستمرة لفهم تلك النفسية «الحامضة»، أو كما يسميهم البعض «أصحاب البطون الخايسة»، الذين أصبحوا يتكاثرون بالانقسام الثنائي المباشر، ويشكلون تعداداً كبيراً، بل وقوة مؤثرة، وشعارهم هو «الاعتراض لمجرد الاعتراض»، تتلوه العبارة الشهيرة: أنا أكره الاعتراض!
يعترضون مثلاً على قلة الخبرات في مجال معين وعدم تطوره، وعندما تقوم الدولة والجهات المسؤولة بإحضار الخبراء يحتجون على استقطاب الخبرات الأجنبية، ويطالبون بمنح الثقة لـ«ولد البلاد»، تمنحه الثقة فيعترض لأنك تضع حمل العمل كله عليه، تمنحه إجازة فيعترض على نظام الإجازات الذي يعطّل حركة التنمية في البلد، تلغي إجازاته فيعترض لأنك لا تحس بالمكنون الاجتماعي المكون له، «تفنشه» فيعترض على الظلم، تعيده إلى العمل فيعترض على قطع خلوته، (...) أبوه فيعترض على سوء أخلاقك، تعتذر إليه فيعترض على شخصيتك الضعيفة!
دعنا من العمل، ولنتوجه إلى العبادات ونحن في شهر الخير، يراك تطيل في المسجد فيعترض على تشددك، تخرج بسرعة من المسجد فيعترض على تسيبك، تطلق لحيتك فيتهمك بالانتماء إلى السلفية الجهادية، تقص لحيتك فيتهمك بأنك «متلبرل»، تخليها نص ونص فينغزك بأنك من إياهم، تطلق الشنب فينغزك بأنك من إياهم الآخرين، تصل إلى مرحلة الخروج عن الطور فتسب أباه مرة أخرى... لتفاجأ به يخرج جهاز تسجيل من جيبه ويقول لك بابتسامة صفراء «أشوفك في النيابة»!
لنتحول إلى الصحافة قليلاً، تمتدح إجراءً حكومياً فيتهمك «سنفور غاضب» بالنفاق والتملق، تنتقد إجراءً حكومياً فيتهمك بأنك عدو للوطن، تنتقد شخصاً ناشئاً يقول لك إنك عدو الناجحين، تمتدح ذات الشخص فيتهمك بالمجاملة المهنية... تمتدح أباه سالف الذكر، فيقول لك: ما يخصك في الوالد! ويخرج لسانه مع جهاز التسجيل من جيبه مرة أخرى! أي كما يقول إخواننا المصريون «بيتلكك».. وإخواننا هنا من الأخوة وليست من أي مصدر لغوي آخر!
رأيي وقناعتي الشخصية أن «سنفور غاضب» هو طيب القلب بطبعه، لكنها حركات تشبه حركات الأطفال حين يقومون بمشاغبة أو مصيبة لجذب الانتباه، وكل قصده من هذه الاعتراضات هو أن يقول «أنا هنا»! فلا تغضبوا منه.
Twitter:@shwaikh_UAE
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .