من المجالس
في بلاط إمبراطورية الإعلان
في البداية، عندما قررت القنوات التلفزيونية الخليجية عرض الإعلانات التجارية على شاشاتها، كان الاحتشام ومراعاة خصوصية المجتمعات الخليجية المحافظة، هما الظاهر في المقاطع والشخصيات التي تقدم المادة الاعلانية، ملابس مناسبة للذوق العام ولقطات تمثيلية تراعي الثقافة السائدة وتحترم تقاليد الأسرة الخليجية.
ومع التوسع الإعلاني والتحول الفضائي بدأت النشرات أو الفواصل الإعلانية تتفلت من عقال الحشمة متذرعة بالعولمة ومتدرعة بتنوع الأذواق، فكانت سياسة التخلص من الأحمال قطعة قطعة وفق سياسة التدرج غير الصادم الى أن استقر الأمر بالكاد على قطعة أو قطعتين لزوم التكيف مع الطقس! وتحولت المقاطع التمثيلية في الاعلانات من التركيز على السلع الى التركيز على مواقع محددة من «السلعة» وعبر لقطات وإيحاءات مثيرة وصادمة صارت تزاحم رسوم الأطفال وبرامج الأسرة، وفي كل الأوقات النهارية والليلية، عبر الشاشات الفضية التي حجزت لها مقعداً في كل غرفة من غرف البيوت، ناهية عصر جهاز التلفزيون الواحد لجميع أفراد العائلة.
ولا يجد الكبار إجابات مناسبة لأسئلة صغارهم عندما يتعلق الأمر بإعلان لصابون أو شامبو تظهر فيه «فنانة» شبه عارية تحت رشاش الماء في الحمام مستعرضة نعومة ما تحت الملابس من بشرتها، وربما لا يجد أولئك الكبار ما يمكّنهم من تبرير فعل غارق في الرومانسية شبه العارية في إعلان لعطر. بل يصبح الماء جد ثقيل في الأفواه عندما يطلب منهم تفسير علاقة إعلان لسيارة أو ربما «تريللا» تتقدمها حسناء «بنص هدوم» وابتسامة مثيرة تنضح بلاهة وتؤكد المنزلة التي أصبحت تحظى بها المرأة في بلاط امبراطورية الإعلان.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .