5 دقائق
كلمات في حبهم
من تتبع كتب التاريخ والسير والأخبار، فلن يقف على بشر بعد الأنبياء مثل الصحابة الكرام رضي الله عنهم، فقد أحبوا الله حباً عظيماً جداً وأحبوا نبيه، صلى الله عليه وسلم، حباً عظيماً أيضاً، ونصروا دين الله في وقت عصيب وصعب، لذلك جاءت النصوص الكثيرة في كتاب الله وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام التي تبين فضلهم وعظيم منزلتهم، فحبهم دين وإيمان وقربة من أعظم القرب التي يتقرب بها المسلم إلى الله جل جلاله، وكيف لا نحب أقواماً قدموا أرواحهم وأموالهم لله عزوجل، وهم نقلة الوحي الشريف وحفظة السنة النبوية، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، وهم أصحاب الصدق في التدين والاتباع الكامل، فحبهم لرسولنا لم يكن كلاماً فقط، بل كان قولاً وعملاً وعقيدة ومنهج حياة، لذلك أحبهم نبينا، صلى الله عليه وسلم، وأثنى عليهم الثناء العاطر العظيم، وحرم سبهم والكلام عليهم، فلا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، ومواقفهم مع النبي عليه الصلاة والسلام، لولا أنها منقولة بالأسانيد الصحيحة الثابتة لما صدق الإنسان هذه النماذج العظيمة من المحبة الصادقة، وهذا كله يضاف إلى ورعهم وتقواهم وشدة خوفهم من الله وكثرة طاعتهم وعبادتهم، ومع هذا يتهمون أنفسهم بالتقصير في الطاعات، وذلك بسبب عظيم تواضعهم وطلبهم لفضل الله جل جلاله.
ومن أراد أن يعرف منهج الإسلام في الحياة والتعامل وفي جميع الأمور، فعليه بالنظر في حياة وسيرة الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وحتى الصحابيات رضي الله عنهن ضربن أروع الأمثلة في البذل والتربية والمشاركة في خدمة الدين والأمة، بما يناسب طبيعة المرأة وأخلاقها.
هل تعلمون، رعاكم الله، أن أرض المسجد النبوي من الوقف الذي أوقفه الأنصار وابتغوا بذلك ما عند الله؟ وهل تعلمون أن أول تنظيم إداري يعرفه العرب دوّن على يد الصحابة رضي الله عنهم؟ وهل تعلمون أن قواعد العدل والرحمة وتجنب الظلم نقلت للأمم على يد الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، بعد أن كانت الأمم الأخرى تعيش في ظلمات الظلم والفوضى؟ لذلك من الضروري جداً معرفة سيرهم وأخبارهم وقصصهم وتنشئة الناشئة على ذلك، ولو قرأ الناشئة قصص الصحابة في بر الوالدين والحفاظ على الصلاة ومراعاة الأخلاق وطاعة ولي الأمر، وغير ذلك، فإنهم سيجنون خيراً عظيماً وسنعزز فيهم جوانب تربوية وأخلاقية مهمة جداً، وحبذا لو وضعنا في كل مسجد سمي باسم صحابي تعريفاً موجزاً عنه، فإن هذا سيسهم في التعريف بهم، ولو قدمت البرامج المفيدة في سيرهم وأخبارهم بأسلوب علمي جذاب خالٍ من المحاذير الشرعية، فإننا سنسهم في تصحيح بعض المسائل المغلوطة التي تذكر عن مقام الصحابة الكرام رضي الله عنهم، والكلمات لا تكفي في بيان عظيم منزلتهم، لكن نشهد الله حبهم، ونسأله تعالى أن يحشرنا معهم، وأن يجمعنا بهم، اللهم آمين.
مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي
@alkamali11
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .