5 دقائق
مؤتمر القمة وآمال الأمة
ينعقد مؤتمر القمة الإسلامي، الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عاهل المملكة العربية السعودية، في هذه الفترة العصيبة من حياة الأمة الإسلامية، التي لم تشهد مثلها في غابر الأزمان، ولا تعرفها سائر البلدان.
إنها فترة الفتن المحدقة، والحروب الطاحنة بأيدي الأمة نفسها، مع شعوبها وأهلها وبلادها، حروب كانت لها بداية أما النهاية فخفية ولعلها لا تكون قريبة، ونرجو الله تعالى أن تكون نهايتها إحدى ثمرات هذا المؤتمر الطارئ في جوار بيت الله العتيق، وفي خواتم الشهر الكريم، وفي هذا النفَس الإيماني الذي لعله يؤثر في الأجندة المرسومة لهذه الفتن من خارج البلاد الإسلامية، ومن غير استشارة أهلها.
مرسومة ومحبكة ومرتبة بإتقان لإضعاف الأمة وإبادة مقدراتها، لتبقى السيادة للجسم الغريب في المنطقة الذي حَضر له أعداء الأمة من عام 1907م، لكيلا تقوم الشعوب الإسلامية بما تستحقه من تطور وسيادة وريادة، نعم تحقق لهم ما يريدون بغرس الجسم الغريب في المنطقة، ومكنوه من أرض الإسلام ومقدساته، ومكنوه من التفوق العسكري والتقني، فلم تستطع الشعوب العربية خصوصا والإسلامية عموما مجاراته، فضلا عن قهره وطرده من أرضنا ومقدساتنا، فماذا يراد بعد كل ذلك إلا التشفي في الأمم والشعوب، وتمزيق صفها لئلا تقوم لها قائمة.
وهذه معلومات أصبحت معروفة عند الجميع، وهي من أبجديات المعارف المعاصرة، ومع ذلك فليس هناك أحد يعمل على تلافي هذا الخطر الداهم، وكأن العيون في عماية، والقلوب مقفلة، والأذهان معطلة، وكأن منطوق قول الله تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا} ينطبق علينا معاشر المسلمين في هذا العصر، وكأن الساسة والمسوسين يقومون بقتل بعضهم بعضا لإراحة أعدائهم من عناء المعارك التي قد تحملهم شيئا من العناء، وتقديم فتاة من التضحيات، فهي حروب بالوكالة، وإفساد في الأرض من غير روية، وهذا عمل لا يقره شرع ولا عقل ولا ضمير إنساني.
فكان من الواجب على عقلاء الأمة من ساسة وقادة وذوي عقل أن يسهموا جاهدين في إطفاء هذه الفتن التي أتت على الأخضر واليابس في بعض الدول، ولاتزال تلتهم المتبقي منها، فكان الحال كما يقول الشاعر قديما:
أرى خَلل الرماد وميضَ جمر ويوشك أن يكون له ضرامُ
فإن لم يطـفها عـــقلاء قـوم يـكون وقودها جثث وهامُ
وهاهو خادم الحرمين الشريفين وهو من أعقل عقلاء البشر اليوم، قد جمع لهذه الفتن رؤساء الدول وزعماء المسلمين ليطفئوا هذا اللهب المستعر، وهو يريد أن يحملهم المسؤولية أمام الله تعالى وأمام شعوبهم وأمام التاريخ، الذي سيسجل عليهم وصمات العار والشنار إن هم فرطوا في إطفاء الفتن بما يحقق المصلحة ويجنب المفسدة ويأتي بالاستقرار، إلا أن ذلك لا يتم ما لم تبدأ أولى خطواته بتقديم مصلحة الأمة، والعمل المباشر لإزالة أسباب الفتنة من إيقاف الدمار وفتح باب الحوار، لتمكين الشعوب المطحونة من إدارة نفسها وإزالة الضيم عنها، علها تعوض ما فقدته من حرية ورخاء، لا تعرفه إلا عبر الفضاء، وذلك هو بيت القصيد الذي استعرت من أجله الفتن، نسأل الله تعالى وأدها عاجلا غير آجل.
كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء بدبي
لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .