مزاح.. ورماح

عيدُ الغريب..

أحمد حسن الزعبي

كقطعة حلوى في فم «مزكوم»، يمر العيد هكذا، بلا طعم ولا مذاق على غريب الديار.

لقد جربتها ذات عام، وداهمني العيد فجأة من دون إنذار للفرحة، كنت وحيداً في غربتي كشاخصة مرورية على طريق زراعي، لم يكترث بي أحد، ولم أنظّم حياة أحد، لم يكن لي عائلة أو أصدقاء، كل ما كنت أملكه شبكة عواطف وأحاسيس متشابكة، خلقت ازدحاماً في دموعي صبيحة العيد.

ذات عام، أزحت ستارة غرفتي المعتمة لأرى العيد، لم أسمع «تكبيراً»، لم أشتم رائحة القهوة، لم أصافح يد أمي المدهونة بزيت الزيتون ومزاج الخبز، لم أسمع وقع حذاء «ولاّدي» جديد، أو رنّة «قطعة معدنية» على بلاط الدار، لم أر قبر أبي ينتصب مستقبلاً الزائرين، لم يحضني أحد، لم يعايدني أحد، فأعدت الستارة إلى مكانها، ولاذت البهجة في طيات وحدتي.

حتى الشمس في الغربة تخرج باردة من كُم الشرق صبيحة العيد، قلت ذات مرة وأنا أضع الصابون على وجهي فجراً: «ترى من سلسلني بلقم عيشي، وأثقل قدمي برغيف الخبز، من منعني من الطيران إلى بلدي، وتركني مركوناً بحزني كبضاعة كاسدة، ثم كيف يتمرّد (بطني) على (قلبي) ولا أفترش الفرحة قرب أمي».

في هذه الأثناء وقف على شبّاكي نورس تائه، غسلت وجهي بالصابون على عجل وقلت له: لو تصبح يا صديق «تذكرة سفر» وأعطيك عمري، فرفرف وطار، ثم أجهشت بالبكاء.

كقطعة حلوى في فم «مزكوم»، يمر العيد هكذا، بلا طعم ولا مذاق على غريب الديار.

ليبقى يراقب (غربته) كماكينة نسخ زمنية، تسحب من عمره أياماً بالأبيض والأسود، حتى ينفد ورق الصبر أو ينفد حبر العمر.

وطني أنت العيد وعيد العيد.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر