5 دقائق

«أدومها وإن قل»

د.عبدالله الكمالي

ثبت في الخبر الصحيح أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «إن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل»، فكم نحتاج حقيقة إلى أن نذكّر أنفسنا بهذا الخبر العظيم، خصوصاً بعد الانتهاء من صيام شهر رمضان، ففي رمضان أقبلت النفوس على الخير بأداء الفرائض والنوافل، فينبغي للحريص على الأجر أن يواظب على الطاعات بعد انتهاء شهر الصيام، فكم كنت أفرح عندما أجد إقبال الناس وحرصهم على أداء صلاة الجماعة في المسجد في شهر رمضان، فهذا الخير العظيم الذي واظب عليه الكبار والصغار لا يليق بنا أن نتركه بعد شهر رمضان، ومن صام بعد رمضان ولو أياماً قليلة فهو أيضاً على خير عظيم، خصوصاً لو صام ستة أيام من شوال، وحرص على صيام يوم عرفة وعاشوراء، وغيرها من الأيام، وكذلك بالنسبة لأداء الصدقة والعطف على الفقراء، فهي من أعظم أبواب ترقيق القلب التي تجلب للعبد الخير والسعادة في الدارين، إن شاء الله، فالراحمون يرحمهم الرحمن، وفي رمضان وأيام العيد وجدنا تواصلاً عظيماً من الناس، وحرصاً على صلة الأرحام، فهذه العبادة ينبغي علينا أيضاً أن نواظب عليها، فأيام الدنيا تمر بسرعة، ومن اغتنمها في طاعة الله فاز وربح، وتجاوز الخلافات وقدّم محبة الله وإرضاءه في الخلافات الأسرية، وأعان على حلها وعلى عودة الأمور إلى وضعها الطبيعي السليم.

قد يقول بعض القراء الكرام: ومن أين لي الوقت لأداء كل هذه العبادات؟! فأنا مشغول بوظيفتي وعملي والتزامات الحياة، فأقول له: من استعان بالله أعانه الله، والمسألة تحتاج إلى ترتيب شيء من الوقت، وستجد أن الأمر سهل ميسر، بإذن الله، فمن كان متجهاً مثلاً من دبي إلى أبوظبي أو العكس يستطيع أن يذكر الله في أثناء قيادته للسيارة ويسمع القرآن الكريم، كما أنه يستطيع أن يتواصل مع أرحامه بالهاتف، فيطمئن عليهم ويسأل عنهم، بل حتى الصدقة من السهولة أن تؤديها وأنت في مكانك، من خلال هاتفك المتحرك، فانظروا إلى نعم الله علينا وسهولة الظفر بالأجور العظيمة، ولكن الأمر مداره على التوفيق للخير أو الحرمان منه.

لا تجعلوا رمضان آخر عهدكم بالقرآن الكريم، فقراءة القرآن من أعظم أسباب انشراح الصدر، ومن أعظم الأسباب الجالبة لمحبة الله، فاقرؤوا شيئاً من القرآن كل يوم، اقرؤوا ولو ورقة واحدة، فلكم بكل حرف حسنة، ومن تمام الخير أن نشجع نساءنا وأولادنا على قراءة القرآن، ولو خصص كل أب جائزة لأفراد الأسرة تعطى لكل من يختم القرآن مرة في الشهر، فإننا سنشجع هؤلاء الصغار على التعلق بالقرآن الكريم، وقراءته آناء الليل وأطراف النهار.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

@alkamali11

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر