المدرسة هي المصنع
أكيد أن إعداد «لعيبة» أولمبيين يبدأ من المدرسة، فالتدريب من الصغر كالنقش على الحجر. والمدرسة اليوم أصبحت الموكلة بمهام كانت من اختصاص الحارة والأندية الثقافية والاجتماعية التي انحسرت في زمن الطفرة المادية، ومهام أخرى كانت من صلب الدور الأسري الذي سلم أمرها إلى شركاء صاروا مع زحف العولمة بدلاء، ولكن غير شرعيين.
وقياساً على ذلك فإن من المؤكد كذلك أن المدرسة هي المكان القادر على إعداد جيل يقرأ ويفهم ما يقرأ ليكون منافساً على مقاعد المقدمة، كما في الألعاب الأولمبية وغيرها من الأنشطة. ولا فائدة من العودة للحديث عن دور البيت في تشجيع الأولاد والبنات على القراءة ما دام الكبار لا يقرأون، بل يجاهرون بعدم حبهم القراءة في حضور الصغار، ويستبدلون الذي هو أدنى، من غثاء الفضائيات والهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة والثرثرة الإلكترونية، بالذي هو خير وهو الكتاب. وأمام هذا التداعي في الوسائل التقليدية للتشجيع على القراءة وجعلها سلوكاً عاماً تبقى المدرسة هي الملاذ الباقي وخط الدفاع الأخير الذي يمكن من خلاله إعادة إنتاج الطالب المثقف والإنسان الباحث، دون تجاهل لمستجدات العصر، ولكن من دون استسلام لضغوطها ورضوخ لشروطها المجحفة.
المكتبات المدرسية بحاجة إلى إعادة هيكلة في الشكل والحجم والمضمون لتكون مكان جذب للطلاب، ومرجعية أساسية مكملة للمناهج الدراسية. والقراءة العامة وتلخيص الكتب يمكن أن تكون مساقاً دراسياً لا يكتمل النجاح من دونه، ومسابقات القراءة التي تراجعت يجب أن تعود وبفكر جديد مختلف يخرجها من دائرة الصفوة المتميزة من الطلاب، ويوصل مقاصدها إلى أكبر شريحة منهم، بحسب اختلاف الاهتمامات وتنوع الميول والقدرات.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .