أمن البلد خط أحمر..

أمن واستقرار أي بلد في العالم هو خط أحمر تكسر معه الدولة كل القوانين، وينطبق ذلك على جميع بلدان العالم، لا فرق في ذلك بين دولة كبرى وأخرى صغرى، ولا بين نظام ديمقراطي أو شمولي أو أي أنظمة أخرى.

لا تلتفت الدول كثيراً إلى حقوق الإنسان إذا شعرت بتهديد أمنها، فحقوق ملايين البشر مقدمة في أحيان كثيرة على حقوق أفراد قلة، مع ملاحظة أن مفهوم حقوق الإنسان هنا في هذه الحالة يختلف كثيراً عن المفهوم ذاته في الأوضاع الطبيعية.

الحكومات هي وحدها من يحدد مفهوم تهديد الأمن، شئنا أم أبينا، لأنها تمتلك المعلومات والمسوغات، وما فعلته الولايات المتحدة ورئيسها جورج بوش الابن خير دليل على كسر كل القوانين المعمول بها في حالات الطوارئ ، أو وجود ما يهدد أمن واستقرار البلد، والنتيجة أن معسكر غوانتانامو لايزال مملوءاً بالمعتقلين من دون محاكمات منذ سنوات طويلة، لم يلتفت إليهم أحد من دعاة حقوق الإنسان، في الوقت الذي تتغنى فيه الحكومة الأميركية بالديمقراطية ومساعدة شعوب العالم لنيل حريتها وحقوقها، وتندد بعمليات السجن من دون محاكمة في الدول الأخرى!

إنها قضية حساسة، لكنها أمر مفروغ منه، فلا يمكن أن تفرش الحكومة الورد لمن يتآمرون على أمنها واستقرارها، ولا يمكن أن تسكت عن الاستعانة بالخارج لخلخلة النظام الداخلي، إنها ليست مسألة سهلة، ولا ذلك الأمر بجرم بسيط، وفي هذه الحالة تحديداً لا يمكن أبداً اعتبار القبض على متهمين والتحقيق معهم مسألة تتعارض مع حقوق الإنسان، خصوصاً إذا كانت النيابة العامة هي التي تتولى هذه التحقيقات.

أكرر اليوم مجدداً أننا لا نكيل اتهامات لأحد، والسلطات القضائية هي التي ستفصل في هذه القضية التي أقلقت مجتمعنا الآمن والمستقر، ونحن على قناعة تامة بأن التحقيقات التي تجريها النيابة العامة ستظهر الحقيقة بوضوح، فمن لن يثبت عليه الوقوع في الجرم، فهو أخ صالح مرحب به في المجتمع، ومن يثبت سعيه لزعزعة النظام من خلال علاقات خارجية مع تنظيمات تهدف إلى المسّ بأمن الإمارات، فالقانون كفيل بمعاقبته، ولن نرضى أبداً برحمته، أو تخفيف العقوبة ضده، فالجرم ليس سهلاً، والمساس بأمن مجتمع هادئ كبيرة لا تغتفر.

هذا هو محور القضية في الإمارات دون مبالغات أو مزايدات أو مغالطات، دون تشويه سمعة، وخلط الحقيقة بالافتراءات والادعاءات، ودون تزييف وتزوير، فالفرق شاسع جداً بين الانتماء إلى تنظيم سري مدعوم خارجياً بأموال مثبتة بتحويلات مرصودة، وبين حرية الفكر والتعبير عن الرأي والانتماء فكرياً لتيار ديني أو غير ديني.

لاشك في أن الانتماء الفكري أمر شخصي، لكن ترجمة هذا الانتماء بأفعال غير قانونية، أو تنفيذ أجندات ومخططات خارجية لتهديد أمن الدولة جريمة كبرى لن يسكت عنها أهل الإمارات قبل حكومتها.

ختاماً، القضية لها بُعد أمني جنائي الآن، ولا بُعد سياسياً لها ما دام الأمر بين أيدي القضاء الذي يتعامل مع وقائع وأدلة، وعلى الذين يغردون في وديان بعيدة وسحيقة خارج وديان الوطن، أن يدركوا جيداً أن الأمر على هذا النحو، وأن البلاد بخير ما دامت تحتكم للقانون، وتجعله مرجعاً وحيداً وأخيراً.

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة