من المجالس

ما عندي وقت

عادل محمد الراشد

هذه الكلمات أصبحت أقرب إلى قلوبنا من ألسنتنا، كلما أردنا أن نتهرب من مسؤولياتنا، وتكاد تكون هذه الكلمات اليوم قاسماً مشتركاً بين أكثر الناس، يشترك فيها المشغول حقاً مع الموهوم، لا وقت عندنا لممارسة الرياضة حفاظاً على سلامة أبداننا، ولا وقت لمتابعة أطفالنا، ولا وقت لزيارة أرحامنا، ولا وقت للقراءة وتغذية أرواحنا، ولا وقت للتدريب وتنمية مهاراتنا، ولا وقت لتلاوة آيات من القرآن تزكى بها نفوسنا، ولا وقت لممارسة الهوايات التي ترفع معنوياتنا وتكشف مواهبنا.

وقتنا مضغوط ونفوسنا مشغولة، وفي الوقت نفسه يكاد الملل يقتلنا والفراغ يزيدنا كمداً، هل هي عبقرية الجمع بين الأضداد، أم هو مكر الإنسان عندما يرغب في قلب الحقائق ليوهم بها نفسه قبل الآخرين؟ فالدوام طويل، والزمن صار سريعاً، والمسافات تباعدت، ومتطلبات الحياة زادت، وهمّ الأولاد والبنات يكبر معهم، وصلات الأرحام كبرت وتشعبت، وماذا بعد؟ باختصار، فإن الفيلم من أوله إلى آخره أسود لا بياض فيه، ولا مجال لشيء اسمه الاستفادة من الوقت. وما تيسر من الوقت بالكاد ينفع للجلوس سويعات معدودات أمام التلفاز، لمتابعة حريم السلطان وبنات الشيطان، وحفلات الرقص مع الجان، ومثلها على «النت»، وما تبقى يتم توزيعه بين «الواتس آب» والـ«بي بي».

أما «الكوفي شوب»، وغزوات «المولات»، فأوقاتها من أوقات الدوام الرسمي، أو الأمسيات العائلية، التي أصبحت فعلاً ماضياً لا محل له من الإعراب.

يقول الخبراء إن إدارة الوقت هي فن التوازن بين أداء الواجبات وتلبية الرغبات وتحقيق الأهداف، ماذا يقصدون بـ«التوازن؟!».

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر