لابد من محفزات لزيادة الإنجاب

لا أملك دليلاً علمياً يؤكد انخفاض نسبة الإنجاب في الإمارات بسبب إلغاء علاوة الأبناء، وكما أشرت في مقال أمس لا توجد دراسات ميدانية تحلل هذا الموضوع، لكن وفقاً لمؤشرات واضحة فإن إلغاء هذه العلاوة هو سبب من أسباب عدة أسهمت في انخفاض عدد المواليد المواطنين إلى نسب ضعيفة للغاية، ما يحتّم التدخل السريع لإعادتها إلى مستوياتها الطبيعية.

الإحصاءات تشير إلى انخفاض نسبة الإنجاب من 4 قبل خمس سنوات تقريباً الى 1.5 حالياً، ما يعني أنها تسير إلى معدلات مخيفة للغاية، في ظل تزايد أعداد القادمين الجدد إلى مجتمع مملوء منهم إلى حد خطر.

بالتأكيد لم يكن «الخبير» الذي ألغى 300 درهم تعطى للمولود الجديد على دراية بتبعات هذا القرار، ومن الواضح أنه يفتقر إلى التخطيط الاستراتيجي، فهذا المبلغ الزهيد لم يكن يغطي مصاريف حفاضات ذلك المولود شهرياً، لكنه كان في كثير من الأحوال شيئاً مفيداً لمن لديه عدد كبير من الأبناء، فهذه العلاوة كانت رقماً إضافياً على الراتب، وتالياً وجودها كان ضرورياً، وإلغاؤها كان خطأ تاريخياً من دون مبالغة!

نحتاج اليوم إلى تصحيح مثل هذه الأخطاء، ونحتاج إلى معالجة الخلل الذي خلّفه ذلك «الخبير»، والأهم من ذلك نحتاج إلى منظومة متكاملة من الحوافز والمشجعات لتحفيز المواطنين على الإنجاب، صحيح أن ذلك لن يعالج خلل التركيبة السكانية، فمشكلتها أكبر من ذلك بكثير، لكنه سيحافظ على وجودنا واستمرار توافد الأجيال المواطنة على هذه الأرض، لأن المعدل الحالي للإنجاب مقلق للغاية، ويعني بكل بساطة أننا بعد عقود قليلة من الزمن سنجد أنفسنا في مصاف الدول الهرمة أو العجوز، كما هي الحال في بعض الدول الأوروبية، فالجيل الحالي سيصل بعد عقود عدة إلى مرحلة التقاعد، وعدد المواليد الجدد الذين سيدخلون سن الإنتاج قليل جداً، وهنا منبع القلق.

علاوة الأبناء أحد أهم بنود حزمة محفزات الإنجاب التي يجب أن نبدأ في دراستها وتطبيقها سريعاً، ولا ينبغي أبداً أن نكتفي بـ300 درهم، فهذا الرقم لم يعد يجدي نفعاً في هذا الوقت، فهو لم يكن نافعاً في الثمانينات، وتالياً تجب دراسة رفعه إلى معدل مقبول، يعيد التفكير الجدي لكثير من الأسر المواطنة الشابة التي توقفت عن الإنجاب لأسباب مالية، وارتفاع مستوى المعيشة لدرجة كبيرة.

والعلاوة ليست وحدها الحل، فهناك الكثير من القوانين التي يجب إعادة النظر فيها، من ضمنها قانوني تقاعد المرأة الموظفة وإجازة الوضع، وأعتقد أن الهيئات الاجتماعية في الدولة مطالبة بإعداد المزيد من الدراسات الشاملة لمثل هذه الجوانب، حتى نقف على الحجم الحقيقي لهذه المشكلة، فهي من أكبر المشكلات التي تواجه مستقبلنا.

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة