كل يوم

«ستاندرد تشارترد» يتفوق على بنوكنا الوطنية!

سامي الريامي

لا يمكن أبداً أن نستوعب عدم تعاون البنوك والمصارف مع صندوق معالجة القروض المتعثرة للمواطنين، ولا يمكن أن أصدق أن هناك مسؤولاً مواطناً يعمل في بنك «وطني» ويحمل أدنى إحساس بالوطنية، ويوافق على إصدار قرار بعدم توقيع اتفاقية تسوية القروض مع صندوق يعمل وفقاً لتوجيهات وأوامر صاحب السمو رئيس الدولة.. فعلاً إنه أمر مشين!

بداية يجب أن نعرف أن هذه القروض المتعثرة هي بالنسبة للبنوك ديون أقرب إلى المعدومة، بمعنى أنها لا تدرج في ميزانياتها إلا كرقم مجرد يعني صفراً، ولم تكن تتوقع أن ترجع إليها هذه الأموال مرة أخرى، وفي الغالب فإن البنوك تؤمن على القروض، إضافة إلى ذلك، فإن حجم المبالغ تضاعف مرات عدة، بسبب ارتفاع نسبة الفائدة، ومع ذلك فإن هناك بنوكاً رفضت التوقيع، لأن الاتفاقية تلزمها بالتنازل عن 50٪ من أصل القرض، وهذا أمر مقبول، نظراً للزيادات غير الطبيعية التي تفرضها البنوك تحت بند الفائدة السنوية، فلا يعقل أن تدفع الدولة مليوناً لبنك أقرض مواطناً 300 ألف درهم مثلاً!

لن أتطرق إلى المسؤولية المجتمعية، فهي معدومة عند معظم البنوك، لكن من باب تحريك الحمية والحماسة الوطنية، يكفي أن نضرب مثلاً بنك «ستاندرد تشارترد»، الذي يعتبر بنكاً أجنبياً، حيث بادر، ومن دون طلب مسبق من صندوق القروض المتعثرة، إلى إعفاء 31 مواطناً متعثراً من القروض المستحقة عليهم، بإجمالي وصل إلى خمسة ملايين و600 ألف درهم، في حين أن هناك بنوكاً «وطنية» جاءت تطالب بمبالغ ضد متعثرين بـ5000 درهم و10 آلاف درهم، والأسوأ من هؤلاء بنكان وطنيان رفضا التوقيع على الاتفاقية من الأساس!

لو كنت مسؤولاً في بنك دبي الإسلامي وبنك أم القيوين الوطني لفتحت تحقيقاً فورياً لمعرفة أسباب عدم التوقيع على الاتفاقية، فالمسألة لا تقاس هنا بحجم الربح والخسارة، بقدر ما تقاس بمساهمة مجتمعية لخدمة الوطن الذي قدم لنا الكثير، وخدمة المواطنين الذين كانوا سبباً مباشراً في تعاظم أرباح هذه البنوك لسنوات طويلة، أفلا يستحقون من هذين البنكين الوقوف معهم لتجاوز هذه المحنة؟! مع العلم أن الصندوق لم يطلب من البنوك إلغاء الديون، وتالياً فإن البنك عملياً لن يخسر شيئاً، فلماذا الإصرار على جعل المتعثرين مطاردين جنائياً أو محبوسين في سجن بعيداً عن أسرهم؟ ما الفائدة التي سيجنيها هذان البنكان الوطنيان من سجن المواطنين؟! علينا ألا ننسى أن مشكلة القروض ضخمة جداً، والبنوك كانت سبباً رئيساً في تعاظمها، فالمعلومات الأولية من اللجنة الفنية التابعة للصندوق، التي تدرس الحالات بدقة، اكتشفت وجود تسهيلات غير منطقية أبداً تمنحها بنوك للمواطنين لجذبهم نحو القروض، وهذا أمر اكتشفه المصرف المركزي، ووضع له ضوابط عدة، فهل يعقل أن تتهرب البنوك اليوم من معالجة مشكلة كانت هي السبب في تعاظمها؟!

حتى لا أكون مجحفاً، فالصندوق وقّع اتفاقات مع 13 مصرفاً، منها مصارف متعاونة وأخرى غير متعاونة إطلاقاً، وأخرى بطيئة التعامل، ووجدنا أنه من المناسب جداً أن ننشر لاحقاً جدولاً بأسماء هذه المصارف، مع تقييم دقيق لدرجة تعاونها، حتى يتعرف المواطنون عن قرب إلى من يقف معهم، ومن لا تهمه مصلحتهم!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر