هكذا الحج
من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى الله سبحانه وتعالى عبادة الحج، فقد قدمت جموع الحجيج إلى مكة المكرمة، ثم توجهت إلى منى، ثم إلى عرفات، وهناك توجهت القلوب إلى علام الغيوب، داعية باكية مثنية عليه، ففي عرفات يرفع المسلم يديه إلى الله فيسأله سؤال المسكين، ويدعوه دعاء المحتاج الفقير، لأنه يعلم أن الله جل جلاله بيده خزائن السماوات والأرض، ولسان حال المسلم الصادق في يوم عرفة: إلهي وخالقي توجهت إليك ودعوتك وحدك فلا ترد دعائي ولا تخيّب رجائي، فلو سألتَ الحجاج عن مشاعرهم في هذا اليوم العظيم لرأيت الدموع تسابق الكلمات، فلا مشاعر أبلغ من دموع الحجاج، خصوصاً إذا تذكروا موقف النبي، صلى الله عليه وسلم، في يوم عرفة وخطبته العظيمة في هذا اليوم، بأبي هو وأمي عليه أتم الصلاة والتسليم.
ثم يتوجهون إلى مزدلفة، وبعد ذلك يأتي يوم النحر، وهو يوم العيد، فبعد تحللهم يخلعون ملابس الإحرام، وكلهم يرجو أن يرجع من حجه كيوم ولدته أمه.
إن للحج، رعاكم الله، تأثيراته التربوية في نفس كل حاج، فتجده في الحج حريصاً على الذكر والخير والبر والإحسان والرحمة، فكم من أشخاص تغيرت حياتهم بعد الحج، والحج يزيد من محبة المسلم للنبي صلى الله عليه وسلم، فالحاج يطوف ويسعى ويفعل بقية أعمال الحج، ولو سألته عن سبب ذلك لأجاب: هكذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا القلوب التي تحب السنة وتنبض بحبها.
والحج يذكرنا بأهمية خُلق الصبر، فالعبادات تحتاج إلى صبر عظيم، وأيضاً قد يجد المسلم من بعض الحجاج شيئاً من الأذى، فهنا يظهر أثر الصبر على الإنسان، فلا صخب ولا جدال ولا غضب، وإنما هديه الحلم والصبر.
إنه الحج وزيارة البلد الحرام والكعبة المشرفة، فلا تلوموا العيون إذا ذرفت الدموع شوقاً للبلد الأمين، ولا تلوموا القلوب إذا تاقت للحج والعمرة، فالقلوب الصادقة تشتاق لمواسم الطاعات والخيرات، وهكذا الحج يؤثر فينا، وفيه نتذكر تقصيرنا، فاللهم تجاوز عنا واغفر لنا.
مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي
alkamali11@
لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .