من المجالس

خادمات وسفارات (‬2)

عادل محمد الراشد

أصبحت «الخادمات الهاربات» شريحة تأخذ مكانها في المجتمع الإماراتي، هذه حقيقة لا يمكن إنكارها أو النظر إليها في إطار الحالات الفردية، بل أصبح هروب الخدم الآن عملية منظمة، تدار بواسطة مجموعات أو عصابات من جنسيات مختلفة، لديها وسائلها وشبكات اتصالاتها وكواليسها التي تحاول من خلالها التسلل إلى البيوت، وتحريض عاملات الخدمة فيها على الهروب، وكثير من هذه المخالفات يتم الإعداد له من بلد المنشأ، وقبل وصول الخادمة إلى بيت كفيلها، والعديد من هذه الحالات يسجل باستمرار في قوائم جرائم الاتجار في البشر، وكثير منها لا يطالها القانون، لقدرتها على التخفي والانخراط في سوق العمل السوداء، بعيداً عن أعين الرقابة القانونية.

لا ننكر وجود حالات لسوء المعاملة في بعض البيوت، كسبب لتفلت الخادمات، لكن معظم المتضررات حقاً من سوء المعاملة يلجأن إلى المكاتب التي استقدمتهن، أو يذهبن إلى سفارات بلادهن بحثاً عن حل للمشكلة، أما الهروب المنظم فهو الذي يتم التخطيط له بشكل مسبق، وقبل أن تطأ قدما العاملة أرض الدولة، أو يتم استدراج الخادمة إليه بوعود كاذبة بتحسين الأوضاع الوظيفية والمادية، وقد أسهمت سفارات تلك الدول بشكل واضح في تفاقم الظاهرة بتوصيل رسائل ذهنية خاطئة إلى رعاياها من هذه الفئة بالتملص من العقود، وترك مكان العمل، بحجة الدفاع عن حقوقهن. وعندما تتمادى بعض هذه السفارات الآن بفرض عقود عمل تخالف القوانين والإجراءات الرسمية بالدولة، وتصطف مع الخادمة الهاربة من كفيلها، مظلومة كانت أم ظالمة، فإنها تسهم في استشراء هذه الظاهرة، وتنامي تلك الشريحة المخالفة للقانون، وتشارك بقصد أو من دونه في وقوع عدد من رعاياها في قبضة عصابات الاتجار في البشر، وهذا يحتاج إلى وقفة تضع كل طرف عند حده.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر