لابد من تحطيم السقف الزجاجي!

الضغط على الشركات الكبرى لتمرير مصلحة عليا للدولة ليس بدعة، ولا هو أمر مستغرب، بل هو إجراء عادي، يحدث في معظم دول العالم، إن لم نقل جميعها، ومثل هذا الإجراء في حال اتخاذه فإن القطاع الخاص والشركات تنفذ دون شك، صحيح أنها تحاول الضغط لتخفيف أثره فيها، جرياً وراء مصالحها، وحفاظاً على عوائدها، لكنها في النهاية تطبق سياسات الدول التي تعمل بها، لأنها تدرك تماماً أن مصلحتها تكمن في تلبية مصالح الدول التي تتخذ منها مقراً لانطلاق عملياتها.

ما أرمي إليه هو إضفاء شرعية دولية لاتباع سياسات مختلفة مع الشركات الكبرى والقطاع الخاص في الدولة لتوظيف المواطنين، مع عدم استثناء أي من الوسائل المتاحة، ففي الوقت الذي تعطي فيه الدولة الأولوية للمهادنة والوسائل الترغيبية لإقناع هذا القطاع بضرورة توظيف المواطنين، لا يوجد ما يمنع مستقبلاً من تغيير هذه السياسة.

في منتصف الشهر الماضي أصدرت مفوضية العدل في الاتحاد الأوروبي فيفيان ريدينغ خطة مبدئية لفرض حصص توظيف نسائية على مجالس إدارات الشركات الكبرى، التي لم تستجب لكل الالتماسات الاختيارية التي وجهت إليها من قبل، وكانت المفوضية طالبت في عام ‬2011 الشركات الكبرى بزيادة حضور النساء على مستوى مجالس إدارة الشركات بنسبة ‬30٪ بحلول عام ‬2015، و‬40٪ بحلول عام ‬2020، ووعدت ريدينغ بدراسة القيام بإجراء قانوني لو أن مبادرة التنظيم الذاتي للشركات لم تعد بالنتائج المرجوة بحلول مارس ‬2012.

ولو تبنى البرلمان والمجلس الأوروبيان هذا التوجه فإنه سيطبق على الشركات الخاصة المدرجة في البورصة، التي تقل لديها نسبة النساء المديرات غير التنفيذيات عن ‬40٪. ويتوقع أن ينطبق التوجيه على ‬5000 شركة مدرجة في الاتحاد الأوروبي، وهو لا ينطبق على الشركات التي توظف أقل من ‬250 عاملاً، وتحقق أرباحاً سنوية تقل عن ‬50 مليون يورو من عملياتها عبر العالم.

ونسبة الـ‬40٪ ملزمة، وعدم بلوغ الشركات لها يمكن أن يجر عليها عقوبات لم يحددها التوجيه.

وعلقت المسؤولة الاوروبية على ذلك بالقول: «إذا كان هناك توجيه، فإن السؤال المنطقي هو ليس ما إذا كنا سنفرض عقوبات، بل هو لماذا لم تبلغ الشركات ذلك الهدف المطلوب»؟!

وأضافت ريدينغ أنه بعد عقود من الوعود الخاوية، والمحاولات الذاتية الفاشلة من قبل الشركات لتحقيق هذا المطلب، فقد حان الوقت لتتحرك اللجنة الاوروبية، على هذا الصعيد وتفرض ما تراه مناسباً.

وأضافت: «نحن نقترح اليوم تشريعاً لتحطيم السقف الزجاجي، الذي يبقي النساء الذكيات والموهوبات بعيداً عن المناصب العليا».

نحن أيضاً بحاجة لتحطيم السقف الزجاجي، ليس في تعيين النساء في مجالس الإدارات، لأن قراراً مثل هذا تبناه مجلس الوزراء، وسيعمل على تطبيقه سريعاً، لكننا نحتاج إلى تحطيم السقف في ما هو أشمل وأهم في توظيف المواطنين في القطاع الخاص، والحكومة تعمل حالياً لتكريس التعاون بأسلوب اختياري من خلال مبادرة «أبشر»، مع عدم إغفال أية سياسات واستراتيجيات مستقبلية إن لم تتعاون الشركات والقطاع الخاص.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة