مزاح.. ورماح
تفاصيل الرسالة
أثناء الصمت المطبق، والدور الطويل، والمرضى الذين لا يرغبون في إنشاء أية ثرثرة جانبية في عيادة الطبيب، كان لا صوت يعلو على صوت العلكة في «فم السكرتيرة»، والقلم الذي في يدها وهي تمارس «التكبيس» اللاإرادي أثناء مشاهدتها قناة «ميلودي».. عندها أخرجت هاتفي المتحرّك، وبدأت بقراءة وشطب الرسائل القديمة، وتفريغ منتهي الصلاحية منها.
للمرة الأولى، أكتشف أن الرابط المقدّس الذي يجمعني بأولادي وأمهم هو «السوبرماركت».. وللمرة الأولى أكتشف أن علاقتنا هي علاقة «قوة شرائية» أكثر منها علاقة عائلية.. فمثلاً وجدت 62 «مسجاً» من أصل 68، هي عبارة عن طلبات يومية ونواقص في البيت.. والمسجات الست المتبقية هي عبارة عن كلمة واحدة متكررة: «وينك»؟
المسج الأولى (15ـ12): سمنة ـ شاي ـ ديتول ـ لحمة مفرومة ـ شامبو.
المسج الثانية (14ـ12): لا تنسَ معجون الأسنان، نسكافيه، بطاطا ثلاثة كيلو.
المسج الثالثة (13ـ12): لبن، ليمون، دجاج، خبز أسمر.
المسج الرابعة: قصدير، أكياس تفريز، سائل جلي، بيض.
المسج الخامسة: وينك؟
السادسة: خس، زيت قلي، بيجاما لعبّود، جرابات لجوجو، وبصل.
السابعة: بقدونس، لحمة مكعبات، سمك فيليه.
الثامنة: محارم، بندورة، جبنة، قهوة، طحين.
التاسعة: وينك؟
وبقية الرسائل هي على غرار ما سبق، مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف السلع حسب المواسم والحالة الجوية.. أما كلمة «وينك»؟ فهي ثابتة بذات الصرامة صيفاً شتاءً.
مع روتين الحياة تصبح العلاقة بين الزوجين مثل علاقة الدول النامية بصندوق النقد الدولي.. ما دمت قادراً على تسديد التزاماتك المالية فأنت بأمان.. أما إذا بدأ العجز والتعثر يظهر في القوة الشرائية، فسيتدهور سعر صرف «العُملة» وسعر صرف «المعاملة» في آن معاً.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.