«ض»
أمس 18 ديسمبر كان اليوم العالمي للاحتفال باللغة العربية. لفتة دولية من قبل منظمة «يونسكو» طال انتظارها بعد أن غفل أهل الضاد عن ضادهم، وتركوا أجيالهم الواعدة تتوه بين شبكات الإنترنت وأفنية المدارس الأجنبية، لتستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، فتتعثر الأقدام، وتشطح الأنامل، وتلتوي الألسن، وهي تبحث عن الحداثة بعيداً عن الذات وانسلاخاً من الهوية.
كثر الله خير «اليونسكو» التي جعلت للغة العربية يوماً يتذكرها فيه العالم، فتخصيص أيام سنوية للاحتفال صار كأنه طريقاً موسمياً للذاكرة الجمعية كي تتذكر شيئاً ما أو شخصاً ما أو مكاناً ما طوته أيادي النسيان وجرفته رياح التجاهل وحجبه غبار التجهيل. والخوف اليوم من أن تعجبنا الفكرة فنحيل لغتنا الأم الى الرف من اليوم الذي يلي الاحتفال، لنعود في 18 ديسمبر المقبل والأعوام التي تليه لنخرج «الضاد» وإخوانه من خزانة الكبت والتغييب فنزيل عنها غبار السنة الفائتة لزوم العرض، ثم نسوسهم بعناية الى غياهب خزانة الدروع والكؤوس التذكارية. الخطاب لا تكون فيه مبالغة إذا علمنا، دونما حاجة الى تفحص عميق، حال اللغة العربية في مدارسنا ومستوى تحصيلها لدى أبنائنا وبناتنا، ودرجة استخدامها في معاملاتنا ومراسلاتنا، وكم «التنقيعات» الذي تعانيه على ألسنة مسؤولينا ومذيعينا وربما معلمينا، ومدى حاجة الوافدين إلينا لتعلمها، بل ومستوى احترام الآخرين لها في عقر دارها. كل هذا لا يحتاج إلى جهود الباحثين ومساعي المتخصصين لاكتشافه والتعرف إلى مستوى الدرك الذي بلغته اللغة العربية عندنا وفي أغلب البلاد العربية. فعندما تاهت بوصلة التعليم وهي تنشد الحداثة والتقدم المعرفي بغير لغة الأرض، وعندما دخل الإعلام في حالة انفصام نفسي جعلته يوشم شاشاته بحروف لاتينية، فإنه من الطبيعي أن ينزوي «الضاد» مقهوراً ينتظر الفرج.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.