«.. والله يستر!»

لدينا كما لدى أي أسرة ذلك الشاب الوغد الذي يمشي الهوينا بين مرحلتين من حياته، فيختلف أسلوب التعاطي معه، فبعض بنات عمه يتحجبن منه، لأنه أصبح رجلاً، وبدأ ذلك الخط الخفيف يظهر بوضوح أعلى شفتيه، والأخريات من بنات العم حسنات النية، يؤمنَ بأن البريء يبقى بريئاً حتى لو تمت إدانته.

يسبب الأطفال في هذا العمر إرباكاً عاماً، فلا تعرف هل تلتحق به في الصلاة لأنه «أصبح رجلاً»، أو تزحلقه بعبارة «أنا مصلٍ»، لأنك تشك في صحة الصلاة خلفه؟ هل يمكنك أخذه معك ليسمع ويرى «سوالف الشباب»، أم أنت بذلك تنتهك «براءته» المفترضة؟! ما علينا، المهم أنني أعالج هذا الإرباك بتجاهلهم، أنا أكره الأطفال الذكور عموماً، فكيف إذا كانوا في هذه السن الكريهة، حيث الرغبة الطفولية السخيفة في إثبات الرجولة؟! ألا يكفينا الأطفال الكبار الذين يحاولون إثبات رجولاتهم في بطولات وهمية طوال فترات البث؟!

«عمي ممكن مشوار على شارع إلكترا؟! وصلني وأنا برجع فالتكسي!»، إحلف يا روح أمك! شارع إلكترا لايزال يصرّ على حرق أعصابي! يستخدم أسماء الشوارع القديمة كأنه عاصر فترة الشيخ الطنطاوي قبل الإفطار، لعب كرة القدم التي لا تنتهي إلا بوفاة لاعب من أحد الفريقين في جرن يافور، رأى الكورنيش حين كان يطل على الشارع مباشرة، واشترى مجلة «ماجد» أيام «الدرهمين»!

ولكن، كنوع من الفضول الصحافي بسبب «اللفة» التي كان يحملها بين يديه وافقت على إيصاله، لا أعتقد أنه قد وصل إلى مرحلة المتاجرة بالسمّ الهاري، فتقاليدنا العائلية متشددة بهذا الخصوص، لا تسمح لأحد الأبناء بتجاوز مرحلة الشيشة والسلوم، خلف شارع إلكترا كان يقودني ضمن شوارع فرعية «يمين يسار فوق تحت»، توقف عند هذه البناية، انتظرني أو سأعود بتاكسي، أصررت على مرافقته، حاول «زحلقتي»، لكن كيف تزحلق من يمتهن «الزحلقة»؟! «نشبت» له، أخذني إلى الطابق الأخير في بناية يسكنها آسيويون، كان هناك رجل على الباب، الطقوس نفسها التي تشاهدها في أي فيلم أميركي، إضاءة خافتة.. غرف متفرقة.. شموع.. وشم على الأكتاف.. ما الذي يحدث في هذه الدنيا؟!

أدخلونا إلى غرفة (أعتقد أنها كاتمة للصوت)، أخذوا اللفة من قريبي، سألته عن الموجود بداخلها، فأشار إلي لأصمت حفاظاً على روحينا، بعد قليل عاد أحد الآسيويين وأعاد اللفة له، وهو يقول بحذر: «الآن أصبح جهاز الإكس بوكس الخاص بك بلا شفرة»، يمكنك تشغيل أي ألعاب منسوخة عليه، كما ركبت لك نظام «جي ـ تك»! وحاسبناه بـ‬300 درهم!

عرفت في ما بعد أن البريئين من أبنائنا يتواصلون عبر «النت» مع آسيويين، لكسر شفرات أجهزة الألعاب، هل هذه بداية فقط؟ هل يدق ناقوس الخطر؟ ماذا لو جاء بمفرده؟ المهم أنه استحلفني ألا أخبر أحداً، كي لا يضطروا إلى شراء البرامج الأصلية إن تم دهم المكان، وقد وعدته. وكما تعلمون، أنا أحترم وعودي، خصوصاً مع الأوغاد الذين يمشون الهوينا بين مرحلتين من حياتهم!

 Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة