مزاح.. ورماح
«عقووول»
يحدث في دولة عربية: قالت له سكرتيرة مدير هندسة الطرق عليك الانتظار أو العودة لاحقاً، فالمدير في اجتماع والله وحده يعرف متى ينتهي اجتماعه، ثم طلبت منه أن يعطيها تفاصيل مشكلته علها تساعده، قال لها إن بيته يقع على شارع رئيس، وهناك ثمة فتحة للدوران والالتفاف غير مضاءة، ما يسبب الكثير من حوادث السير، فهزّت رأسها وقالت إن هذه القضية من مسؤولية قسم الإنارة وليس هندسة الطرق، عليك الذهاب إلى هناك، ذهب الرجل الى قسم الإنارة فوجد المدير في إجازة، ما اضطره إلى شرح قضية «اللمبة» المطفأة لنائبه، فأجابه من دون اهتمام «نحن هنا فقط لإنارة الشوارع الجديدة»، مشكلتك في قسم صيانة الطرق، في اليوم التالي توجّه لقسم صيانة الطرق وسرد لهم خطورة الـ«يو تيرن»، خصوصاً في ساعات الليل، ولابد من صيانة الضوء القريب منه، قال له رئيس قسم الصيانة إن مسؤولية الفرق داخل حدود البلدية، وواضح أن بيتك يقع ضمن مسؤولية وزارة الأشغال، فعليك مراجعة قسم الإنارة الخارجية في وزارة الأشغال.
ولأن الموضوع إنساني وبالغ الأهمية وينقذ الكثير من الأرواح، ذهب الرجل في اليوم التالي إلى وزارة الأشغال، وبقي ساعات حتى عاد رئيس قسم الإنارة الخارجية من جولته التفقدية، فعاد وشرح له القصة للمرة العاشرة، وأعطاه وصف البيت، ورسم له خارطة الطريق، اتفق رئيس قسم الإنارة مع الرجل على خطورة الموقف وضرورة إصلاح العطل في أقرب فرصة، لكن كون الدولة دولة مؤسسات فلابد أن يكتب كتاباً يوضّح فيه كامل التفاصيل مرفقاً بمخطط واضح يبين اسم الشارع ورقمه، ثم يقدم هذا الكتاب إلى مدير هندسة الطرق في البلدية، الذي ينسّب له رسمياً بضرورة إصلاح «اللمبة».
عاد صاحبنا إلى المربّع الأول حيث مدير هندسة الطرق في البلدية، ولحسن الحظ لم يكن المدير في اجتماع هذه المرة، ما إن سمحت له السكرتيرة بالدخول حتى وجد عشرات المراجعين يجلسون على كراسي قبالته، ودخان سيجارته يتصاعد فوق رأسه، ثم أومأ له بالجلوس معهم، وبدأ يقرأ عليهم الخبر التالي من الجريدة المفتوحة أمامه بصوت مرتفع:
اسمعوا يا إخوان.. «تستعد هولندا لإطلاق مشروع جديد لتوفير الطاقة وتحسين السلامة على الطرقات، إذ سيتم طلاء الشوارع بمادة خاصة تتوهج تلقائياً خلال الليل، وذلك قبل منتصف هذا العام، هذا الطلاء يقوم بامتصاص الطاقة من أشعة الشمس في النهار لتشع في الليل، ويتأثر الطلاء المستخدم على أرضية الطرق بدرجة الحرارة، إذ يشير تلقائياً إلى أن الطريق زلق عند انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، فيما تضيء أضواء تفاعلية على طول الطريق السريع مع اقتراب السيارات، وسيتم تثبيت أضواء تشحن بوساطة الرياح، أو الهواء الذي تحدثه السيارات، وهي تسير بسرعة على الطريق».
ثم طوى الجريدة قائلاً: عقوووووول.. يا أخي همّه وين وإحنا وين.. ثم خرج نزقاً من مكتبه بينما ظل المراجعون في أماكنهم وشكاواهم معقودة على ألسنتهم.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.