التجربة الكويتية
لدولة الكويت تجربة ثرية مع الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، أصبحت معلومة لدى معظم الناس، وهي مضرب المثل في كل دول الخليج العربي كلما اشتد النقاش حول سوق الاستهلاك اليومي، وتذبذب الأسعار، والعلاقة بين المستهلكين والتجار، وقد تأكدت أهميتها خلال فترة الغزو العراقي للكويت، ولذلك لن أستعرض التجربة الكويتية في عمومها، لكن قرار إغلاق البقالات الصغيرة في أبوظبي، أخيراً، لدواعٍ جمالية وصحية، لفت الانتباه إلى شيء من تفاصيل تلك التجربة، التي أغنت الكويت منذ عقود عن ترك سوق الاستهلاك لمن يرغب دون ضوابط يُضطر للبحث عن معالجة تداعياتها في ما بعد.
لكل جمعية تعاونية هناك سوق كبيرة ومتنوعة تقع في قلب المنطقة التي تحمل اسمها وتتبع ملكيتها للمساهمين من سكان المنطقة، وفي كل حي من أحياء تلك المنطقة أو الضاحية يوجد فرع للجمعية مكون من مجموعة من المحال الصغيرة مخصصة لتلبية الحاجات الضرورية، كالبقالة والمخبز و«الدوبي»، وغيرها. وعبر هذا المخرج استطاعت الكويت أن تتجاوز مسألة فتح الأبواب على مصاريعها لكل «كفيل نفسه»، أو «مستثمر» يبدأ بـ«بسطة» أو زاوية في ورشة بناء، ثم يتحول إلى دكان خالٍ من متطلبات النظافة والسلامة والمظهر الحسن، وربما لا يجدي مثل هذ الحل الآن في المناطق التي تتزاحم فيها الأبراج العالية، لكنها قد تكون قابلة للتطبيق في المناطق السكنية الأفقية عبر التشجيع على تكوين الجمعيات التعاونية بمفهومها التعاوني الأصيل، وليس بمفهوم الشركات المطبق الآن لدى معظم الجمعيات العاملة بالدولة، ويكون السكان هم الملاك الذين سيحرصون على إنجاحها لتعود بحكم تبادل المنفعة، ويكون لكل جمعية فروع تخدم الأحياء وفق الشروط والمعايير المطلوبة.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.