الكابتـن «برافو»

قبل يومين وصلتني رسالة طائشة عبر بريدي الإلكتروني، تتحدّث عن ملاح شجاع لم يعرف الخوف في حياته، مقدام جريء، لا يحسب حساب المواجهة مهما صعُبت مهامه، ومهما ثقلت مسؤولياته، ولا يتراجع أو ينوء مهما بلغ الخطر أمامه، يدعى «الكابتن برافو».

ذات نهار شاهد بحار برج المراقبة سفينة قراصنة تتجه نحو سفينته، فصاح ذاك البحار منبّهاً الجميع وهو يتزحلق على السارية «القراصنة قادمون.. القراصنة قادمون»، فأصاب الذعر ركاب السفينة وطاقمها، خطا الكابتن برافو خطوات واثقة نحو مقدمة السفينة، طلب منظاراً جيداً، حرك المنظار باتجاه سفينة القراصنة ثم طلب قميصه الأحمر، زرّره على عجل، وقرر مواجهة القراصنة، وبالفعل قاتل قتالاً شرساً حتى انتصر عليهم في تلك المواجهة.

بعد يومين فقط من تلك المعركة البحرية، صاح بحار برج المراقبة من جديد وهو يتزحلق على السارية ذاتها محذراً من وجود سفينتين جديدتين للقراصنة تتجهان نحو سفينته، دب الذعر ثانية بين الطاقم والركاب، فخطا الكابتن برافو خطى واثقة، طلب منظاراً جيداً، ثم أشار إلى قميصه الأحمر، زرّره على عجل، وقرر مواجهة القراصنة، وبالفعل قاتل قتالاً شرساً حتى انتصر عليهم مرة أخرى.

بعد انتهاء المعركة سأله بحار برج المراقبة: سيدي لماذا دائماً تطلب القميص الأحمر؟ أخذ الكابتن برافو نفساً عميقاً قبل أن يجيب ثم قال: أرتدي قميصي الأحمر كي لا يفضحني دمي إذا ما جرحت في المواجهة، وبالتالي كي لا تفتر همة المقاتلين، فهزّ «الزلمة» رأسه معجباً بشجاعة الكابتن وانصرف إلى برجه.

ذات صباح، تزحلق «الملعون» على برج المراقبة وهو يصيح محذراً من وجود عشر سفن دفعة واحدة تابعة للقراصنة تتجه نحو سفينته، من دون ذعر أو خوف توجهت أنظار الجميع إلى الكابتن «عفية»، بينما ركض بحار المراقبة كالعادة باتجاه مسؤوله ليسأله: سيدي هل أحضر لك قميصك الأحمر؟ فهز الكابتن رأسه وقال: لا، هات لي «البنطلون البني».

***

في ثقافتنا العربية نحتاج دائماً إلى «كابتن برافو»، على الرغم من كامل معرفتنا أن الشجاعة لا تعني كل الاستطاعة.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

الأكثر مشاركة