جنة الدنيا

قال بعض أهل العلم: في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، وعنى بذلك جنة العمل الصالح، فالعمل الصالح باب عظيم جداً من أبواب الراحة والسعادة والطمأنينة، وأنس النفس بالله عزوجل، ومن أعظم الأعمال الصالحة التي أمر بها الإسلام وهي حقاً وصدقاً جنة معجلة لصاحبها في الدنيا قبل جنة الآخرة بإذن الله: الصلاة، فكم فيها من أجر وفضل وثواب من الله، بل تأمّل في آيات القرآن العظيم تجد الآيات الكثيرة التي فيها أمر بإقامة الصلاة، وفيها أيضاً مدح للمحافظين على الصلاة والخاشعين فيها، وأما سنة نبينا صلى الله عليه وسلم فهي أيضاً مملوءة بالنصوص التي تحث على أداء الصلاة، فهي التي أوصى بها سيد الثقلين بأبي هو وأمي، عليه أتم الصلاة والتسليم، عند النزع والاحتضار قائلاً: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم»، ومع هذه النصوص الكثيرة تجد بعض الناس - هداهم الله - يفرطون في أداء هذه العبادة الجليلة، فتجد أحياناً بعض المساجد يجلس بالقرب منها من يسمع «حي على الصلاة» و«حي على الفلاح»، لكنه يفضل جلسة في مقهى أو مع صديق، أو مشاهدة مباراة، على إجابة نداء الفلاح والسعادة، بل وصل الأمر ببعضهم إلى أنه لا يصلي بالكلية، وكم سمعت من بعض الأخوات، يشتكين عدم صلاة الزوج، وهي تحاول معه وتنصحه فلا يستجيب، بل يغضب إن نُصح، وللأسف الشديد.

إن من يفرط في أداء الصلاة يضيع على نفسه أجراً وخيراً عظيماً جداً، فهذا عبدالله بن عمر، رضي الله عنهما، يقول عن صلاة الجنازة، وهي ليست مثل الصلوات المفروضة: «لقد فرطنا في قراريط كثيرة»، فكيف بالصلوات المفروضة التي تصعد الملائكة إلى الله جل جلاله مخبرة بمن حضرها وأداها، ففي الحديث الصحيح «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بكم، فيقول: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون»، فانظر إلى هذا الشرف العظيم لمن يحافظ على هذا الركن العظيم من أركان الإسلام.

إن دور المدارس، خصوصاً في تشجيع الناشئة على الصلاة دور عظيم جداً، فلابد من تذكيرهم دائماً بذلك، ولو في طابور الصباح، ولو استغل المعلم دقيقة واحدة من وقت الحصة المدرسية في حث الطلاب وتذكيرهم بأداء الصلاة جماعة لرأينا خيراً عظيماً، وقد رأيت في بعض مساجد مدينة دبي مسابقة قيمة بعنوان «المصلي الصغير»، كرم فيها أهل المسجد الناشئة الصغار الذين يحافظون على صلاة الجماعة في المسجد.

إن مشاغل الدنيا لا تنتهي والأعمال كثيرة ومتتابعة، لكن الصلاة جنة الدنيا، فيجب علينا أن نحافظ عليها مهما كانت الظروف والمشاغل، لعل الله يمن علينا بالفردوس الأعلى في الآخرة.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة