مزاح .. ورماح

ماذا أريد؟

أحمد حسن الزعبي

جلس وحيداً ضجراً في غرفته ذات البلكونة الصغيرة، الدراسة لا تنتهي، والرتابة لا تتلاشى على الإطلاق، ناهيك عن علاقاته المحدودة مع الأصدقاء وانسجامه القليل في جلساتهم.. كل ذلك دفعه للانزواء، خرج إلى شرفته قليلاً، أغمض عينيه ثم ملأ رئتيه بالهواء النقي برهة، ثم أطلقه من صدره، وعاد مسرعاً إلى حاسوبه وإلى برامج التطبيقات التي كان يحتفظ بها، هذه المرة يعتمر دماغه إصرار جديد، ولابدّ أن يخرج بشيء مختلف، فالمدى مفتوح، والاختراعات لا تتوقف، لكن من أين أبدأ وماذا أريد؟ هذا السؤال الذي طرحه على نفسه أولاً..

بعد شهرين من العمل المتواصل على مشروعه، استطاع أن يعلن لأصدقائه وزملائه في الجامعة عن فكرته الجديدة.. شبكة أصدقاء إلكترونية لطلاب الجامعة، سرعان ما انتشرت بين الجامعات والمدارس بسبب سهولة التطبيق.. هل عرفتموه؟ إنه «مارك جوكربيرغ».. مخترع «فيس بوك»، وأصغر ملياردير في العالم..

في الفترة نفسها..

جلس وحيداً ضجراً في شقته ذات البلكونة الواسعة، الدراسة لا تنتهي، والرتابة لا تتلاشى على الإطلاق رغم كل وسائل التسلية، ناهيك عن علاقاته المحدودة مع الأصدقاء وانسجامه القليل في جلساتهم.. كل ذلك دفعه للانزواء، خرج إلى شرفته المطلّة، نظر إلى الشرفة المقابلة، فتح ذراعيه على اتساعهما ثم ملأ رئتيه بالهواء الرطب، ثم أطلقه من صدره، وأصدر بعدها تلويحة مقصودة بيديه، وعاد مسرعاً إلى حاسوبه وإلى سيديهات «نانسي عجرم»، و«ميليسا» التي كان يحتفظ بها منذ الثانوية العامة.. هذه المرة يعتمر دماغه إصرار جديد، ولابد أن تكون النتائج مختلفة عن كل مرّة، فالشباك مفتوح، والوسائل الحديثة لا تعجز عن المخاطبة، لكن أين أبدأ وماذا أريد؟ هذا السؤال الذي لم يطرحه على نفسه أولاً..

بعد الاعتكاف بين الغرفة والشرفة شهرين كاملين والعمل المتواصل على «قصته»، استطاع أن يعلن لأصدقائه وزملائه في الجامعة عن «فقسته» الجديدة.. كل محاولات «التطبيق» من «رمي الشبكة» و التلويح باليد.. وفتح «البلوتوث» للجالسة في الشرفة المقابلة باءت بالفشل.. فقد اكتشف أن من واظب على معاكستها طوال المدة السابقة ليست سوى «سلندر غاز» لا أكثر.. هل عرفتموه؟؟ إنه «حمّود» ابن جيراننا.. أكثر واحد رسب في مادة «الثقافة الإسلامية» في العالم..

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر