صورة نمطية وثقافة سلبية
الحكومة عازمة على توفير الوظائف للمواطنين، فالدولة تتزاحم فيها الفرص، وسوق العمل تزداد تضخماً واتساعاً، ووجود مواطن واحد بلا وظيفة يعني وجود خلل واضح، هذا الخلل أوجدته سوق العمل من ناحية، وكرسته ثقافة العيب والتعالي على العمل، التي تعد إحدى نتائج الطفرة المادية، والتي نسفت إرث الأجيال السابقة المكافحة من أجل لقمة العيش، من ذاكرة جيل الطفرة.
سوق العمل تعاني الاختلال البيّن بين الوظيفة الحكومية والوظيفة في القطاع الخاص، وتعاني صورةً نمطيةً سلبيةً عن المواطن، صُنعت بفعل فاعل، ونجحت لعقود عدة، ولاتزال تلقي بآثارها لتشويه صورة المواطن الباحث عن وظيفة لدى شركات ومؤسسات القطاع الخاص، بما فيها الشركات الوطنية الكبرى والمصارف، وحتى الشركات والمؤسسات شبه الحكومية ذات الأجور والامتيازات العالية التي لا يكاد يسجل الموظف المواطن فيها إلا حضوراً مستحياً وضعيفاً وسط أعداد هائلة من الموظفين غير المواطنين.
أما ثقافة العمل المختلة بوهم العيب والازدراء، فإنها الأخطر على مستقبل سياسات التوطين. ولا يفتقد مجتمع الإمارات القدوة في احترام وتقدير قيمة العمل، لا في الأولين الذين تواضعوا لمفهوم الرزق فأعملوا فكرهم وعملوا بأيديهم لكسب قوت يومهم، ولا في القادة وكبار المسؤولين الذين صارت الأخبار تلهث خلف تحركاتهم وأنشطتهم ومتابعاتهم بلا حدود لساعات العمل، ولا تمييز لأيام في الأسبوع.
لذلك أصبح الاتجاه الحكومي في إيجاد فرص عمل للمواطنين يسير عبر هذين الاتجاهين؛ إصلاح الأوضاع في القطاع الخاص لإحداث توازن مادي ومعنوي مع الوظيفة الحكومية، والعمل على إعادة صياغة قناعات الشباب تجاه مفهوم العمل، ورفع مستواهم المهني والمعرفي ليكونوا منافسين بكفاءاتهم وجهدهم، وليس بصفتهم مواطنين، المهمة لن تكون سهلة لكنها ممكنة.
adel.m.alrashed@gmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .