الليل والخيل والبرغر تعرفني
مازالت فضيحة لحم «الخيل» تتفاقم في أوروبا ودول مختلفة من العالم، مع أن المسألة لا تعدو كونها خداعاً في الأصناف ليس إلا، أما من حيث صلاحية الاستهلاك فهو صالح للاستهلاك البشري، حسب تصريحات العديد من المسؤولين الأوروبيين، ومن جانب آخر، لو كان لحم الخيل غير صالح للاستهلاك أصلاً لما ذبح حاتم الطائي فرسه لضيوفه واحتل كتب «القراءة» في مناهج الصفوف الابتدائية من المحيط إلى الخليج.
ماذا نقول عن مطاعمنا العربية؟! شخصياً بقيت مواظباً على أحد المطاعم المشهورة أكثر من أربع سنوات، الخدمة ممتازة، اللحمة طرية وطازجة، والديكور جميل ومريح، فكلما زارني صديق أو وصل إلى البلد ضيف من الخارج أقوده إلى ذلك المطعم وأنا بكامل الثقة أنه مطعم «يبيّض الوجه»، ثم أشرح لهم كيف ينتقي هذا المطعم «لحومه» من الخراف الرضيعة الطازجة، ويعتني جداً بسمعته ورضا زبائنه.. وذات مرة بعد أن أنهيت الغداء، وقمت بغسل يدي على المغسلة وأثناء بحثي عن «القرصون» لأوصي على كوبين من الشاي، فتحت باب المطبخ قليلاً فوجدت ثلاثة خراف مجمّدة ومرمية على البلاط «من غير هدوم».. طبعاً من لون لحمها واضح أنها ذبحت بُعيد حرب الردّة بقليل، كما أن أقصر خروف بين الخراف الثلاثة كان بطول «مايكل غوردن»، فعرفت أني كنت مواظباً على «أكل المقلب» طوال فترة ترددي على هذا المطعم المصنف من ذوات النجوم الأربع.
الأمر لا يقتصر على المطاعم، خذوا مثلاً الهمبرغر، لا كارمن نحاس ولا ميشال الحايك يستطيع أن يتكهن بمكوناتها، شيء ما مفروم، مع شيء ما مهروس، مع نكهات غريبة ليصبح وجبة محببة.. وأنا على يقين لو جيء بفانيلاً لــ«راجيش» وتم فرمها ووضع النكهات نفسها عليها لأصبحت أشهى وأزكى، فالمسألة لا تعتمد على صلاحية المكوّن مادام هناك ألف أداة لتزوير الطعم والنكهة والصلاحية الصحية.. ترى لو قُدر لأبي الطيب المتنبي أن يكون شاهداً على فضيحة «لحم الخيل» هذه.. هل تراه يقول:
الخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبرغر تعرِفُنـي وَالستيك وَالكباب والتكّة والعظم
--
على كل حال: «الخيل» بالجايات.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.