كل يوم

ملاحظتان عقب جلسة المحاكمة!

سامي الريامي

ليس تدخلاً في عمل القضاء، ولا هو إدانة مسبقة، أو اتهام لأي طرف، فليس من حقي، أو من حق أفراد المجتمع ـ مهما كان موقعهم أو منصبهم ـ توجيه الاتهام إلى أي من أعضاء «التنظيم السري»، أو التدخل بأي شكل في القضية بعد وصولها إلى ساحة القضاء، فقوله هو القول الفصل، وحكمه هو الفيصل، لكن هما ملاحظتان، لا أكثر، لفتتا نظري بعد الجلسة الإجرائية الأولى لمحاكمة المتهمين، أول من أمس.

الملاحظة الأولى هي ذلك الطلب الذي قدمه المحامي إبراهيم الملا إلى المحكمة، الذي طالب فيه بـ«لجم» الصحافة، متهماً إياها بتحريض وتأليب الرأي العام ضد المتهمين، والملاحظة الثانية هي استنكار بعض أصوات المتعاطفين محاكمة النساء، وجلبهن إلى المحكمة، واصفين ذلك بأنه خروج عن تعاليم الدين الإسلامي، وخرق لعادات المجتمع!

طلب المحامي غريب، من دون شك، ووجه الغرابة يكمن في سببين، الأول أنه يتعارض مع «حرية الرأي وحرية الصحافة»، وهاتان الفقرتان بالذات هما مصدر الهجوم الشنيع الذي يشنه علينا المتحاملون في المنظمات الدولية، وعملاؤهم المنتشرون داخل الدولة، والمتعاطفون مع «التنظيم»، ولا يكاد يخلو تقرير مسيء إلى الدولة من هاتين الفقرتين، فهل حرية الرأي أمر خاص بهم فقط، يتم التلاعب بها وتحويلها وفق توجهاتهم وأمزجتهم، إلى أمر سلبي يستحق الاستنكار، عندما يتعلق الأمر بصحافة وطنية؟! ومطلب إيجابي وحضاري، عندما يتعلق الأمر بأفكار مضادة ومناهضة للعرف السائد وقوانين الدولة؟!

السبب الثاني (الذي يدعو إلى العجب أكثر من سابقه)، وهو أن المحامي يطلب «لجم» الصحافة، بدعوى أنها تحرض وتؤلب الرأي العام، ما يوحي بأن ذلك عمل «غير أخلاقي»، أو «إجرامي»، فإن كان المحامي يقصد ذلك، فهو يدين كثيراً من أعضاء «التنظيم» والمتعاطفين معهم، فهم مارسوا كثيراً من الأعمال، الداخلية والخارجية، كما ورد في لائحة الاتهام بغرض التحريض على الدولة، واستعانوا بكثير من وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، للوصول إلى هذا الهدف، وجميعنا قرأ الكثير والكثير من الإساءات والتهجم على رموز، والتحريض الواضح على الحكومة، فهل غفل المحامي عن هذا كله؟!

وعن الملاحظة الثانية، التي هي أقرب إلى الطرفة، فكاتبها يستنكر محاكمة المرأة «المسلمة» من حيث المبدأ، ويعتبر استدعاءها إلى المحكمة، والتحقيق معها، خروجاً على تعاليم الإسلام، كأن أحكام الإسلام وعقوباته نزلت على الرجل فقط، والمرأة مستثناة منها، لمجرد كونها امرأة، إنه فكر إسلامي حديث لم نسمع به من قبل!

وقياساً على هذا المنطق الغريب، فيجب عدم محاكمة المرأة التي تسرق، أو التي ترتكب جريمة غير سياسية، ويجب إصدار قانون عقوبات خاص بـ«المرأة المسلمة»، واستثناؤها من التشريعات المختلفة، أم أن الأمر مجرد عزف على وتر عاطفي لدى الناس، وهو عزف لا يقنع أحداً، مثلما لا يُطرب أحداً.

القانون لا يفرق في العمل الإجرامي بين ذكر وأنثى، وكذلك الإسلام، والأدلة كثيرة «السارق والسارقة»، و«الزانية والزاني»، والعمل لا علاقة له بجنس مرتكبه إطلاقاً، لكنه الحقد الذي يعمي البصيرة والأبصار، والبحث عن أي سبب للضرب في جلسة المحاكمة، بعد أن أثبتت المؤسسة القضائية في الدولة قوتها واستقلالها ونزاهتها.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر