كل يوم

عندما ينعدم الذوق والحكمة!

سامي الريامي

إن كانت تصريحات صفوت حجازي «المسيئة جداً» في حق دولة الإمارات، التي قالها، أمس، في قطاع غزة، وجهة نظر شخصية تمثله هو، فهذا يعني أنه صغير في حجمه وأخلاقه وأسلوب كلامه، وإن كانت تمثل جماعة «الإخوان المسلمين» التي ينتمي إليها، كما ينتمي إليها الرئيس المصري، فإن قيادة هذه الجماعة لدولة محورية تمثل قلب الوطن العربي مثل مصر تعني كارثة حقيقية!

غريب جداً أن يتهجم حجازي، أمين عام مجلس الثورة المصرية، على دولة الإمارات بهذه الطريقة، وهذه الألفاظ السوقية التي تثبت ضحالته، وانعدام رصيده الإنساني من الذوق والحكمة، وبعده عن فن القيادة والمسؤولية، إذ جاءت بعيدة عن الأعراف الدبلوماسية كافة، كما أنها بعيدة عن أخلاقنا العربية الإسلامية، وقريبة جداً من العنصرية والاستخفاف و«الردح» الذي يسيء إلى صاحبه ليس أكثر!

إن كانت الإمارات دولة صغيرة في المساحة والسكان فهذا ليس عيباً أبداً، فزمن قياس حجم تأثير وقوة الدول بالمساحة والسكان انتهى منذ عصور الظلام، والدولة التي يراها أصغر من «حي شبرا» هي ثاني أكبر اقتصاد عربي، وأكثر دول المنطقة تطوراً ورقياً ورفاهاً، ومواطنوها هم أكثر شعوب العرب «سعادة»، وفق المعايير العالمية التي وضعت الإمارات في المركز الـ‬29 عالمياً، ولم يسبقها في ذلك المركز أي دولة عربية!

صغر المساحة وقلة العدد اللذان يعايرنا بهما هذا الذي ينتمي إلى جماعة إسلامية، هما الظروف ذاتها التي أقامت دولة إسلامية مترامية الأطراف، والمسلمون القليلون في العدد هم الذين كسروا الفرس والروم، وفتحوا مصر، لأن تلك الدول الكبرى آنذاك استصغرتهم واستخفت بهم، وهذا مصير كل متكبر ومتغطرس، ومتعالٍ على الناس، فهل له أن يقرأ قليلاً في تاريخ وسيرة الدين الذي يتمسح به، وهو جاهل بتعاليمه وتاريخه؟!

هذه الدولة التي يراها أصغر من «شبرا» يعيش فيها أكثر من ‬400 ألف مصري، حياة كريمة هانئة لا يجدها اليوم ملايين المصريين في ظل قيادة جماعتهم هناك، هم هنا في الإمارات أخوة أعزاء، وشركاء في العمل والتنمية، ولا أعتقد أبداً أن حجازي يمثلهم أو يمثل غيرهم من المصريين الشرفاء والعقلاء والمنصفين، فهو بكلماته هذه لا يأبه لهم ولا لمستقبلهم ولا لحياتهم، ولا أعتقد أبداً أنهم يعنون له شيئاً، في حين أنه أيضاً لا يعني لهم شيئاً!

الإمارات دولة الحكمة والإنجاز، وتالياً فهو لن يجد فيها ذلك «السبع» بمفهومه الضيق، ولن يجد عند قادتها ومسؤوليها هذا المستوى من الكلام الذي يخلو من أدب التخاطب، كما لن يجد من يجاريه في تلك السقطات والجمل الرخيصة، لن يجد سوى قادة زاهدين في ترديد الشعارات والكلمات، يعشقون العمل والإنجاز بصمت، ويتوقون لبناء مستقبل أفضل لمواطنيهم وللأجيال المقبلة، ويجيدون لغة الرقي والترفع والحكمة، وهذه لغة يصعب على هذا الرجل وأمثاله أن يفهموها أو يستوعبوها!

إن كانت مصر اليوم كما عهدناها، دولة عربية محورية شقيقة، فهي اليوم مطالبة بالاعتذار عن هذه الإساءة التي تطاول فيها حجازي على الإمارات، فالسكوت يعني الموافقة الضمنية، والإمارات لا يعني لها حجازي شيئاً، لكن يعنيها بكل تأكيد موقف الحكومة المصرية من هذا التطاول، وكسر الأعراف والتقاليد الذي يضر بعلاقات البلدين بشكل كبير.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر