كل يوم

حياتنا.. مهدَّدة!

سامي الريامي

لا أحتاج إلى أن أعيد تحذيرات ومخاوف الخبراء من حدوث كارثة بيئية في مياه الخليج تؤدي حتماً إلى تدمير الحياة البحرية كافة فيه، في حالة حدوث تسريبات نووية من مفاعل بوشهر الإيراني، بسبب تعرضه لزلزال أقوى قليلاً من الأخير، فالأمر أصبح واضحاً ومقلقاً بشدة، وحياتنا كشعوب نعيش بقرب مفاعل نووي، مفروض علينا، أصبحت مهدَّدة على مدار الثانية!

سنموت جميعاً من العطش، جملة مرعبة، لكنها حقيقة شبه مؤكدة، فدول الخليج العربي هي الدول الوحيدة في العالم بأسره التي تعتمد كلياً، وتؤمن احتياجاتها من الماء بشكل رئيس من محطات تحلية مياه البحر، فهذه التقنية مكلفة مالياً ولها سلبيات عديدة، لكنها الخيار الوحيد لدول فقيرة مائياً وثرية مالياً، والمشكلة العظمى أن جميع محطات التحلية الخليجية تعتمد على مياه بحر الخليج، الذي يقع على مشارفه مفاعل نووي خطير وغير مأمون، ويفتقد مواصفات الأمان والسلامة، كما يعترف بذلك العلماء الروس أنفسهم، وهم الذين زودوا إيران بمعداته وتقنياته القديمة كافة!

علينا أن ندرك أن التحدي الكبير الذي سنواجهه كخليجيين في السنوات المقبلة هو كيفية تأمين مصادر مياه لضمان بقائنا على وجه الأرض، ومع أن مخاطر حدوث تسرب نووي من بوشهر تبقى أكثر الأمور المفزعة لدول الخليج، إلا أن أزمة المياه ستطغى حتماً على ساحة أولويات مهدّدات حياة الخليجيين بعد سنوات عدة، والأسباب في ذلك عديدة.

تحلية مياه البحر أيضاً لها سلبياتها على المدى الطويل، فبحر الخليج كما هو معروف من البحور الصغيرة شبه المغلقة، وهو ليس مفتوحاً على محيط مثلاً، ولا يستكمل دورة تجديد المياه فيه إلا كل ست سنوات، وعملية التحلية تعتمد على تقنية تؤدي إلى زيادة حرارة مياه الخليج، بسبب عمليات تسخين الماء بدرجات كبيرة، وفي الوقت نفسه، فإن نسبة الملوحة تزيد أيضاً بسبب إعادة ضخ الملح إلى البحر بعد التحلية، يعني ذلك أن هناك تغييرات سلبية للغاية على الحياة البحرية من جهة، ومياه البحر نفسها من جهة أخرى، فهي تزيد سخونة وملوحة، وسنصل يوماً ما إلى مواجهة صعوبة بالغة حتى في استمرار عمليات تحلية مياه البحر!

مقابل ذلك، فنحن لا نملك خيارات كثيرة، فلا أنهار ولا أمطار، ولا مخزون جوفياً كافٍ، والأدهى من ذلك كله هناك هدر في استخدام المياه، ولا مبالاة أو ثقافة أو وعي عند المستهلكين، وبغض النظر عن جنسياتهم، سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، جميعهم تعلموا ثقافة هدر الماء، واستخدامه بأساليب تنم عن غياب المسؤولية وإدراك أهمية الحفاظ عليه، وأرقام الاستهلاك المتزايدة كل عام تثبت ذلك، وتزيد مؤشرات الخطر!

الوعي بأهمية كل قطرة ماء، وترشيد الاستهلاك، والتعامل مع الماء كثروة مهدَّدة بالانقراض وقابلة للفقد، المدخل الوحيد لضمان المحافظة على وجودنا، وبصراحة، فإن موضوعاً مهماً وخطيراً ومقلقاً مثل هذا لا ينبغي أن يترك لأمزجة المستهلكين، بل هو بحاجة إلى تشريعات وقوانين، ولا مانع من التشدّد فيها، فحياتنا ومستقبل الأجيال المقبلة أهم بكثير من أي استياء مؤقت، نتيجة فرض قانون أو تشريع، للحد من استنزاف الماء!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر