«السّح الدحّ انبو!»

يبدو أن مقولة: «رحت في الرجلين» ليست مقولة صائبة دائماً، فهناك من «يطلع» في الرجلين أيضاً، ويرتفع صيته وشهرته حتى لو كان ابن ‬60 يوماً،

فقد تداول جمهور شاكيرا، ونجم كرة القدم العالمي بيكيه، على موقعي التواصل الاجتماعي «تويتر» و«فيس بوك» صورة وليدهما «ميلان»، الذي دخل في الشُّهرة من أضخم وأوسع وأسرع أبوابها بفضل حركات رجلي «الوالدة»، الله يطول عمرها، وحركات رجليّ «الوالد» الله يسدد رميه، لتحقق صورته، الصورة الأعلى مشاهدة في العالم على الإطلاق خلال الفترة الماضية.

أنا لست مقهوراً أن يحقق طفل يرتدي «بامبرز-الحماية المضاعفة - مقاس‬3-‬6كغم» كل هذه الشهرة الواسعة أبداً، لكن الذي قهرني و«طقّ كبدي» هو أن الجمهور العالمي صار يمارس جدلنا الشرقي نفسه، وبالانقسام نفسه، فقد أكّد محبو شاكيرا أن الطفل «ميلان» يشبه والدته إلى حدٍ كبير، بينما انتفض مشجعو «بيكيه»، وقالوا إن الولد بأنفه وجبهته وتقاسيم وجهه واستدارة رأسه، الخالق الناطق (بيكيه) «لا راح ولا جا»، وهذا ما تمارسه عادةً العائلات الشرقية المتصاهرة المتصارعة على ملامح الكائن الجديد.

ترى كم مرّة تنازل أهلنا عنّا للطرف الآخر، بعد أن اكتشفوا فينا عيباً «خُلقياً»، وكم مرة سجّلونا في ماركات الشبه خاصّتهم إذا ما أبدينا خُلقاً حسناً وتقاسيم لطيفة. كان والدي يقول وأنا في بداية مرحلة الوعي: هذا الولد يشبهني العيون نفسها والخشم نفسه.. سبحان الله! حتى أشبعت تماماً بهذه الفكرة، وبدأت أمشي منفوش الصدر بأني سرّ أبي، وعندما كبرت قليلاً وغارت عيناي في رأسي واستطال أنفي أكثر من اللازم.. صدمني - رحمة الوالد- عندما سمعته بأم أذني يقول متبرئاً: مش عارف هذا الولد طالع شبه مين!

ما حدث معي تكرر تماماً مع أبنائي، عندما رزقت بــ«عبدالله».. أهلي، ومنذ اليوم الأول قالوا إنه يشبهني تماماً الملامح نفسها، والضحكة مع أنه في ذلك اليوم كان يشبه كتلة «المرتديلا»، لا تستطيع أن تفصل حدود العينين عن حدود الأنف عن الأذنين المطويتين كورقة غشّ، في الوقت نفسه أصرّ أخواله ومنذ اللحظات الأولى: أن الصبي يشبه أمه وبدأوا يعدّون نقاط التشابه والصفات الحميدة بينهما. جاء حمزة وبدأت الحكاية نفسها، كل طرف يجذب الصفات المحبّبة في صفّه، ويلصق نقاط الضعف في قفا جينات الخصم المقابل، الآن وقد استقرّت ملامحهما وبدأت بشرتاهما تأخذ لونهما الأصلي، اكتشفت أن عبدالله يشبه إلى حدٍ بعيد زعيم كوريا الشمالية الجديد: «كيم جونغ أون»، بينما حمزة يشبه

إلى حد التطابق: اللاعب البرازيلي «ريفالدو».

 

فمن أين أتوا بالسح الدحّ انبو لا أدري؟

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

الأكثر مشاركة