آفة «الترامادول».. والثغرات القانونية!!
لن تستطيع الشرطة وحدها مكافحة آفة انتشار حبوب الترامادول المخدرة، كما لن تستطيع وزارة الداخلية بمفردها منع انتشارها بين الأحداث وطلبة و«طالبات» المدارس والجامعات، وكذلك الأسرة التي ابتليت بولد مدمن على هذا العقار، أو غيره من أنواع المخدرات، لن تستطيع إرجاع عقله إليه، مادامت هناك جهود مبعثرة، وغير متضافرة، ومادامت هناك ثغرات ينفذ منها المهربون والمجرمون.
مختلف إدارات الشرطة في الإمارات، وبإشراف مباشر من وزارة الداخلية، تبذل جهوداً ضخمة ومكثفة في ملاحقة المهربين، والقبض عليهم، وبجهودها الضخمة استطاعت أن تحبط مئات المحاولات لإدخال «الترامادول» وغيره من المخدرات إلى داخل الدولة، وكذلك هي حال رجال الجمارك، لكن الهجمة على الإمارات شرسة، فالعوائد مجزية، والضحايا المدمنون يستطيعون توفير المال بطرق مختلفة، وعلى الرغم من الإجراءات المشددة والمكثفة المبذولة، إلا أن هناك كميات مازالت تدخل، وتتناقل بين الموزعين، لتصل إلى أبناء الدولة من الشباب الذين يبدأون معها رحلة الدمار والإدمان!
محاصرة المجرمين ومكافحة هذه الآفة تحتاجان أولاً إلى تضافر كل الجهود، فالأسرة والمدرسة والجامعة هي نقطة بداية لإكمال دور الشرطة والنيابة، ومع هذه الجهات أيضاً ستكون الحلقة منقوصة إن لم نسد الثغرات القانونية التي ينفذ منها المجرمون من العقاب، فالمهربون أيضاً يتطورون مع تطوير الشرطة لوسائل المكافحة والملاحقة، وهم أيضاً يدرسون تفاصيل القوانين ليقفوا عند نقاط الضعف لينفذوا منها، وهم أيضاً يخططون ويضعون الاستراتيجيات قصيرة ومتوسطة الأمد، لاصطياد الضحايا وتهريب ونشر المواد المخدرة بكل أشكالها وأصنافها!
قبل فترة سدت الجهات القانونية المعنية ثغرة قانونية بوضع «الترامادول» في قائمة المواد المخدرة الممنوعة، بعد أن كان متاحاً ومتوافراً كدواء، لكن مازالت الثغرة مفتوحة، فـ«الترامادول» هو أصلاً دواء ولا يمكن تجريم حامله بشكل مباشر إلا بعد التأكد من عدم وجود وصفة طبية لدى مستخدمه.
ومن هنا نفذ عدد من المهربين والمجرمين من العقاب، فالحصول على وصفة طبية معتمدة من دول عربية أو آسيوية ليس بالأمر الصعب أبداً، بل هو أرخص من حبوب الترامادول نفسها، وهناك آلاف العيادات والأطباء في تلك الدول على استعداد لبيع هذه الوصفات التي يحتفظ بها المهربون ويخفونها عند ضبطهم من قبل الشرطة، في تحقيقات النيابة، ثم يظهرونها فجأة في المحكمة، وبالطبع فإن وجود وصفة طبية معتمدة من دكتور تسمح لمريض بتناول عقار متداول ومعروف يقلب أوراق القضية، ويغير كثيراً من الأمور، بل في كثير من الأحيان تكون شهادة براءة لحاملها!
لذا لابد من إجراء جلسات نقاش قانونية تضم كبار المسؤولين في وزارة الداخلية وإدارات الشرطة المختلفة والمسؤولين عن المحاكم وبعض القضاة المتمرسين لمناقشة هذا الأمر، ووضع الضوابط اللازمة للتفريق بين المريض والمهرب، وبين من يحتاج «الترامادول» للعلاج، ومن يجلبه بكميات تجارية تكفي لتخدير مرضى 10 مستشفيات وليس شخصاً واحداً، فهل يعني ذلك استخداماً شخصياً؟!
twitter@samialreyami
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .