كل يوم
صيني وإفريقي بلسان عربي!!
فوجئت بشخص ذي ملامح صينية يسألني بلغة عربية فصيحة، هل أنت مذيع في تلفزيون دبي؟ أجبته: كلا لست مذيعاً؟ وبادرته بالسؤال: ومن أنت؟ فأجاب باللغة الفصيحة ذاتها: «اسمي علي وانغ، وأنا مسؤول الشؤون العربية في التلفزيوني الصيني، وأنا هنا لحضور المؤتمر الدولي الثاني للغة العربية، الذي تستضيفه دبي».
شعور جميل جداً أن نرى أشخاصاً من أقصى شرق الكرة الأرضية وغربها، يفتخرون باللغة العربية ويحبونها، وجاؤوا من كل حدب وصوب للتباحث والتناقش والتحاور في كيفية حمايتها.
كم كان المشهد العام، أمس، في قاعة المؤتمر مذهلاً، فالحضور يمثلون 70 دولة، ليس كلها دولاً عربية، فمنهم أساتذة ودكاترة من الصين وشرق آسيا، ومن أواسط وجنوب القارة الإفريقية، منهم الأصفر والأسمر والأحمر، ويجمعهم لسان عربي مبين، يتناقشون ويمزحون ويضحكون، واللغة التي تجمعهم هي اللغة العربية الفصيحة!
المؤتمر الدولي الثاني للغة العربية أقيم، أمس، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تحت عنوان «اللغة العربية في خطر والجميع شركاء في حمايتها»، هو بالفعل عمل مشرف وجهد مشكور تقوم به مدينة دبي بمبادرة من مجلس السياسات، التابع لصاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وله أهمية كبيرة في مجال البحوث والدراسات والأفكار الخاصة بحماية اللغة العربية.
وطوال فترة المؤتمر عقد المشاركون جلسات متتالية، ميزتها أنها تشكل عصارة وخبرة هؤلاء الأكاديميين والمتخصصين، الذين يعدون مجموعة من أفضل النخب المتخصصة في اللغة العربية، وجاؤوا من 70 دولة، للتباحث والتناقش وتقديم أوراق العمل المتخصصة في اللغة العربية، فقدموا ما يزيد على 372 ورقة عمل وبحثاً، وعقدوا 64 جلسة عمل، وسيتم توثيق هذا كله في سبعة مجلدات ضخمة، لاشك في أنها ستشكل ثروة حقيقية لعلم اللغة العربية، ومنهاجاً لكل من يريد الحفاظ عليها وحمايتها، والنهل من علومها المختلفة.
ميزة هذا المؤتمر عن غيره من المؤتمرات، أن نتائجه مثمرة وقيمة وموثقة في مجلدات يستفيد منها من أراد، وتبقى لكل الأجيال، وهذا في حد ذاته إنجاز جيد يصب في مصلحة اللغة العربية، ويحميها فعلاً من الخطر، ويكرس عملياً شعار المؤتمر الذي يرى أن «الجميع شركاء في حماية اللغة العربية».
إنها جزء من هويتنا ووجودنا، إن حافظنا عليها فنحن نحافظ على كينونتنا وبقائنا على وجه الأرض، فهي تحمينا من الذوبان والانصهار، وهي أساس ثقافتنا وهويتنا الوطنية، ألا تعد هذه الأمور كافية حتى نبذل مزيداً من الجهد لحماية اللغة العربية، والحفاظ عليها حية يتوارثها الأجيال؟
twitter@samialreyami
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .